Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
حسن ناصر الظاهري

الأسد من حاكم إلى تاجر عقار !

A A
التصريح الذي أدلى به (دي ميستورا) المبعوث الأممي إلى سوريا، واعترف فيه بعدم تحقيق أي اختراق مفصلي في مفاوضات جنيف، لم يكن مفاجئاً لأي متابع لما يجري في الساحة السورية، فـ(سوريا الأرض) لم يعد يحكمها بشار الأسد، بل تحكمها عدة دول إقليمية، إضافةً الى عدد ليس بالقليل من المليشيات. وبدا أن دي ميستورا -وهو واثق من عدم نجاحه في المهام الموكلة إليه- يريد فقط أن يثبت حضوره في كشف موظفي الجمعية العامة، حتى لا يُحتسب عليه غياب، ولن يكون أبرع ممن سبقوه من المبعوثين لحل هذه القضية، والذين أعلنوا إعفاءهم من مهامهم، لأنهم أدركوا في وقتٍ مبكر أن أطراف القضية كُثُر، دول ومليشيات، من الصعب التفاهم معهم للوصول إلى حل دبلوماسي.

ما يجري في سوريا الآن هو ما جرى في لبنان إبان التدخل السوري فيه، والذي اُلغي فيه دور لبنان كدولة إقليمياً ودولياً، وأصبحت سوريا فيه المرجعية الوحيدة لأي شأن لبناني، حيث فرضت عليها نظام وصاية عاث فساداً في لبنان، والآن، وفي لعبة الكراسي، فإن الدور -دور الوصاية- على سوريا أصبح روسياً لبنانياً إيرانياً، وليس بمقدور نظامه اتخاذ أي قرار بدون موافقة تلك الدول المحتلة. ففي الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة وروسيا على تثبيت وقف إطلاق النار جنوب غرب سوريا، أعلن (بهرام قاسمي) المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، أن اتفاق الهدنة ليس ملزماً لطهران، وذلك يعني فشل تثبيت تلك الاتفاقية، وهو سلوك لطالما لجأت إليه إيران، فهي دائماً ما تسعى لتقويض وقف إطلاق النار ومحادثات السلام لأنها لا تخدم أهدافها في المنطقة، وترفض أي مصالحة بين الحكومة والمعارضة بغية تدمير سوريا وإضعافها، لتتمكن فيما بعد من السيطرة عليها، وتسعى جادة إلى أن تكون الطرف المهيمن في سوريا، فبالإضافة إلى القاعدة البرية التي أنشأتها، استأجرت مطارًا من الحكومة السورية ليكون قاعدة جوية لها، وهي في طور استئجار (ميناء طرطوس) ليكون قاعدة بحرية أيضاً لها من أجل تثبيت وجودها في المنطقة ككل.

فالتقسيم جارٍ على قدم وساق لكل من لديه القوة والقدرة على إدخال جيشه للأراضي السورية، وقد سبق لروسيا أن استولت على مطار (حيميم) عام 2015م، وأعلنته قاعدة عسكرية روسية تتمتع بحكم ذاتي، وحزب الله أيضاً، وضع بعض المدن السورية تحت إدارته، فالرئيس الأسد أمام الواقع الذي هو فيه، لم يكن أمامه سوى أن يتحول إلى تاجر عقار يبيع الأرض بعدما سوَّى مبانيها بالأرض.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store