لاشك بأن قضايا الفقر والبطالة والسكن تعد أبرز القضايا الاجتماعية ذات الارتباط المباشر بالفرد في المجتمعات الانسانية،كونها تلامس أبرز الضروريات الحياتية لاستقراره وأمنه ورضاه عن حكوماته التي تعد المسئولة عن توفير تلك المتطلبات الضرورية، والسعي لعدم تحولها الى قضايا اجتماعية تؤرق الفرد والمسئول على حد سواء كما وأنها تعد المؤشر والمعيار الحقيقي والأبرز لما وصلت إليه الدول من نماء وتطور وما وصلت إليه شعوبها من أمن واستقرار.
والمؤكد أن تلك القضايا تعد الأبرز والأكثر شيوعاً في المجتمعات العربية حيث نجد أن معظم شعوبها تشكو تناميها وخاصة في ظل ما تعيشه هذه الأيام من صراعات سياسية وطائفية وفي ظل عجز الكثير من حكوماتها عن معالجة تلك القضايا ،حيث تشير إحصائيات البنك الدولي أن نصيب الفرد من الناتج المحلي للدول العربية لا يزيد عن 3500 دولار في العام الواحد، وهذه بلاشك نسبة مخجلة وتدعو لطرح الكثير من التساؤلات، كما تشير إحصاءات البنك الدولي أن 11 مليون شخص عربي نصيبهم أقل من دولار واحد في اليوم وهذا ما تصنفه الأمم المتحدة باعتباره «فقراً مدقعاً».
ولاشك بأن هنالك تفاوتاً في تلك النسبة بين دولة عربية وأخرى لكن يبقى المؤشر العام مثيراً للدهشة والتساؤل عن عجز العديد من الحكومات العربية عن معالجة تلك القضايا.
ثم تأتي قضية البطالة في الوطن العربي التي تعد الأبرز أيضاً حيث تشير الإحصاءات الرسمية أن عدد العاطلين عن العمل في العالم العربي حوالي 22 مليون عاطل من إجمالي القوى العاملة التي تقدر بنحو 120 مليون عامل يضاف إليهم سنوياً 3 ملايين و 400 ألف عامل وهذا معناه أنّ 60% تقريباً من سكان الوطن العربي دون سن الـ 25 سنة وهو الأمر الذي يتوقّع معه أن يصل عدد العاطلين عن العمل عام 2025 إلى حوالي 80 مليون عاطل مما يتطلّب ضخ نحو 70 مليار دولار لرفع معدّلات النمو الاقتصادي في الدول العربية وذلك لخلق ما لا يقل عن 5 ملايين فرصة عمل سنوي .
أما قضية السكن فهي لا تقل أيضاً عن حجم قضيتي الفقر والبطالة فبالرغم من المساحة الشاسعة للوطن العربي إلا أن قضية الإسكان وشح المباني السكنية تعد أحد أهم القضايا التي يشكوها المواطن العربي حيث نجد أن أغلب تلك المساحات غير مستثمرة لبناء المساكن وفي جانب آخر أراه يقتصر على الوطن العربي ويمثل أحد عوائق الاسكان وهو سيطرة بعض هوامير الاراضي على مساحات شاسعة من تلك الأراضي دون استثمارها مما ترتب عليه ارتفاع أسعار العقار وسيطرة هواميره عليه بالإضافة الى عجز العديد من الحكومات عن ايجاد الحلول الناجعة لتلك القضية.
ونتيجة لتنامي تلك الثلاثية من القضايا فقد ترتب عليها تنامٍ آخر من القضايا الأخرى التي لاتقل أهمية عنها ومن أبرز تلك القضايا:
· الارتفاع في معدّلات الجرائم وإدمان المخدرات والسرقة وهذا ما نلمسه بصورة لافتة في الوطن العربي .
· ضعف الانتماء للوطن وكراهية المجتمع .
· تنامي الأمراض النفسية كالاكتئاب والكراهية.
وبعد كل تلك المؤشرات اللافتة هل يلتفت قادة الدول العربية وكافة المسئولين عن تلك القضايا للمسارعة في إيجاد الحلول الناجعة لها قبل اتساع الخرق على الراقع ؟ والله من وراء القصد.