الإجْراءاتُ الإسرائيليةُ التعسُفيةُ الحاليةُ التي تتبعها الحكومةُ الإسرائيليةُ ضد الفلسطينيين وضد المقدساتِ الإسلاميةِ في كاملِ أرضِ فلسطينَ ليست الأولى وبالتأكيد لن تكونَ الأخيرة فإسرائيلُ دولةٌ «فوق القانونِ» بما يتوفر لها من حمايةٍ دوليةٍ سواءٌ من حكوماتِ دولٍ كبرى شرقًا وغربًا أو من داخلِ المنظماتِ الدوليةِ بما فيها هيئةُ الأممِ المتحدةِ. فإسرائيلُ مطمئنةٌ بأنها مهما فعلت ومهما عملت كما حدث ويحدث منذ احتلالِها أرض فلسطين من قتلٍ وتشريدٍ وتجويعٍ وحصارٍ وتجريفٍ للمزارعِ وهدمٍ للمباني وهمجيةٍ فوق التصورِ فلا أحد يحاسبها أو ترفُّ له عينٌ.
والمتتبعُ لحالةِ الاحتلال الإسرائيلي منذ وجودِه في عام 1947م يدرك أنه يتمدد ويتزايد على حساب حقوق الفلسطينيين وتراثهم وثقافتهم فلم يكتفِ الإسرائيليون باحتلال الأرضِ بل سرقوا التراثَ والثقافةَ وادعوا أنهما جزءٌ من ثقافتِهم وتراثِهم كما هو الحال مع الملابس والأطعمة إضافةً إلى سعيِهم إلى إلغاءِ وإذابةِ الهويةِ الفلسطينية كليةً حتى لا يكون هناك مطالبٌ بحقٍ في أرضِ فلسطينَ إلا هم كما يزعمون.
وأمامَ كلِ هذا الصلف والجبروت الإسرائيلي والتخاذل الدولي ليس من خيارٍ أمام الفلسطينيين سوى إرادتِهم وصمودِهم لتغيير الحالِ وإجبار ليس إسرائيل فقط بل والعالم على الاعتراف بها وضمان قيام دولة فلسطينية حرة مثلها مثل غيرِها من دول العالم ذات السيادة والاستقلال.
صحيح أن هناك صرخاتٍ تعلو من هنا ومن هناك تدين الإجراءات الإسرائيلية وتساند الحق الفلسطيني كما في حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصفته رئيس منظمة التعاون الإسلامي حين وصف كل ذلك بقوله: «إذا كان الجنود الإسرائيليون اليوم يدنسون بشكل صارخ باحة المسجد الأقصى بأحذيتهم ويسفكون دماء المسلمين متذرعين بحوادث بسيطة فإن سبب ذلك هو عدم مساندتنا للأقصى بما يكفي، وأن حماية الأماكن المقدسة للمسلمين مسألة إيمان لا إمكان».
الهبة التي يقودها الشبابُ الفلسطيني وشيوخُهم وكهولُهم نساءً ورجالاً ضد ما تقوم به إسرائيلُ حاليًا في المسجد الأقصى هي مباركةٌ وخيرُ وسيلةٍ لفرض وإجبار الإسرائيليين على الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني واحترام مقدساته الإسلامية خاصة وأن التاريخ أثبت أن كل الدعوات والتنديدات الخارجية ليس لها من تأثير في إجبار الإسرائيليين على تغيير تعنتهم وصلفهم بل من المحزن كما أثبت التاريخ القريب أن بعضًا من الحكومات بما فيها العربية والمنظمات سواءٌ عربيةً كانت أو دوليةً إنما كانت تزايد على القضية الفلسطينية ولعل مقولة صدام حسين في احتلاله للكويت بأن طريق القدس يمر منها خيرُ مثالٍ على المزايدات وحالات التهريجِ التي لم تقدمْ للفلسطينيين سوى الفرقةِ والشتاتِ.
«لن يحكَ جلدك مثل ظُفرِك» مثلٌ يجب أن يكونَ عنوانًا للفلسطينيين في فرض حقوقهم وإجبار الإسرائيليين وغيرهم على الاعتراف بها وذلك لن يتم بالطبع في ظل خلافات وانقسامات وتبعية لهذه الجهة أو تلك كما هو حادث الآن بين الفصائل الفلسطينية بل بمثل ما يقوم به الشبابُ الأحرارُ من أهلِ فلسطين اليوم فهو المسارُ الوحيدُ والطريقُ الأمثلُ لتحقيق ذلك وما يأتي من الآخرين عربًا أو مسلمين أو عالم لمساندة ذلك ومؤازرته خير إضافي وليس أساسيًا وجوهريًا.