العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد إيران تحت مسمى «قانون مواجهة أنشطة إيران المهددة للاستقرار» والتي وافق عليها الكونجرس الأمريكي بمجلسيه، النواب والشيوخ، أصابت الإيرانيين في مقتل وأخرجتهم عن أطوارهم فجُنّ جنون ملاليهم وقادتهم العسكريين وسياسييهم. وتمرير القانون مثّل أيضاً فشلاً ذريعاً لسياسة الرحلات المكوكية والمقالات التي قام بها وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف في واشنطن وعلى صفحات صحف أمريكية كبرى. كما مثّل أيضاً فشلاً للغة المهادنة التي اتبعها الرئيس الإيراني حسن روحاني لتمرير الاتفاق النووي الذي عقدته إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية إبان فترة حكم الرئيس باراك أوباما الثانية، كما أن القانون أفسد على نظام الملالي المسرحية الهزيلة التي كانوا يتبعونها في معالجة قضاياهم الخارجية حين ينقسمون إلى فريقين متضادين أحدهما لغته وخطابه ليِّنٌ هيِّنٌ والآخر عنيف وشرس كما اتضح خلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة عندما كان روحاني وآخرون من المصنَّفين (معتدلين) يتبعون لغة ليّنة في وصف علاقاتهم بالغرب والاتفاق النووي مع أمريكا ،والبقية الأخرى من المتشددين الذين كانت برامجهم الانتخابية تتركز حول إلغاء الاتفاق وتهديد الغرب عسكرياً.
مصدر إصابة نظام الملالي بالجنون من القانون كونه يؤكد أن إيران هي الدولة الأكثر إثارة لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط كما هو حادث في العراق وسوريا واليمن ولبنان والخليج العربي وأنها مصدر الإرهاب الذي أصاب العالم وعواصم أوروبية كبرى.
الملالي والقادة والساسة الإيرانيون توعَّدوا الولايات المتحدة الأمريكية «بردٍّ مناسب» على موافقة الكونجرس على القانون وفرض عقوبات على كيانات ومؤسسات وأفراد إيرانيين منها الحرس الثوري وبرنامج تطوير القدرات الصاروخية.
الرئيس روحاني قال إن الخطوة الأمريكية: «ستلاقي الرد المناسب وأن العقوبات لا تترك أي تأثير على مواقف طهران ولا تؤدي إلى تغيير المسار والسياسات» ووصف الأمريكيين بالأعداء بقوله: «إذا الأعداء خرقوا جزءاً من العهد فنحن أيضاً سنفعل ذلك» .
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية وهو يعترف بدور ووجود إيران في مناطق عدة من الشرق الأوسط وصف القانون بقوله: «بأنه غير قانوني وغير موجَّه وبلا أساس وأن سياسة إيران الإقليمية قائمة على حسن الجوار وحفظ أمن المنطقة ومكافحة الإرهاب» . أما رئيس الأركان الإيراني اللواء مسعود جزايري فحذَّر إدارة ترامب بلغة عسكرية صارمة بقوله: «منذ الآن فصاعداً عليها أن تكون أكثر دقة وحذراً من الماضي حيال خطواتها العسكرية في محيط إيران . ومراعاة أصل الاكتفاء الذاتي في القوات المسلحة عامل أساسي لإحباط العقوبات الأمريكية في الماضي وهذا المسار يتواصل بقوة» .
من يستمع لردود الفعل الإيرانية والتهديدات التي صدرت من كل مكان في إيران، البرلمان، الحرس الثوري، وزارة الخارجية، الرئاسة، قاسم سليماني، يظن أن إيران في قوتها العسكرية وقدراتها القتالية وكفاءة أسلحتها توازي وربما تفوق القوة الأمريكية في حين أن الواقع والأرقام توضح بُعداً بيناً بين الاثنين بما ينفي أي مقارنة بينهما على الإطلاق وأن الولايات المتحدة الأمريكية بإمكانها محو إيران من الخارطة فعلياً لا بروبجندا ،لكن هُم هكذا نظام الملالي، فلتخدير شعبهم وإخافة جيرانهم يطلقون مثل هذه التهديدات عسى ولعل أن تؤدي إلى نتائج إيجابية لصالحهم.
قانون مواجهة أنشطة إيران والعقوبات التي يتضمنها ضد إيران ليس سوى مؤشر على عزم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القضاء على تأثيرات إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة والراعية للإرهاب ، وقد اعترف فؤاد ايزدي وهو خبير دولي مقرب من نظام طهران «بضررها وأن هدف الأمريكيين النهائي هو تغيير النظام الإيراني كما صرح بذلك وزير خارجيتهم تيلرسون أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي» .