لو تواجدت وزارة المالية في حضرة أي ماكينة صرّاف، طبعًا ليس الآن بل في نهاية شهر شوّال المنصرم، وقبل صرف راتبه للموظّفين في الرابع من شهر «ذي القعدة» الذي تلاه، ثمّ اطّلعَت على عيّنات من إيصالات السحب المالي التي يرميها الموظّفون في سلّة المهملات، لتأكّدت من تواضع أرصدة حسابات الموظّفين، ولا أبالغ إذا قُلْت أنّ كثيرًا منها كان حينها Big zero، أو أقلّ من ٥٠ ريالًا ممّا لا يمكنهم سحبها لأنّها أقلّ من حدّ السحب الأدنى
!.
وعندها ستعرف الوزارة قيمة إعادة صرف الرواتب بالتاريخ الهجري للموظّفين بعد أن برمجوا حياتهم عليه لعقود، وهو أفضل من اختراع صرفها بحلول الأبراج الفلكية التي (تُمطّط) الفترة الزمنية بين موعدين متتاليين لصرف الرواتب لمُدّة قد تتجاوز الأربعين يومًا لا الثلاثين يومًا المُتعارف عليها في العالم
!.
والراتب بالنسبة للموظّف السعودي هو مصدر رزقه الوحيد، في ظلّ عدم السماح له بالعمل التجاري الحُرّ إضافةً لوظيفته، ولو حتى في المساء، باستثناء بعض المهن البسيطة مثل سائق التاكسي، وفي ظلّ احتكار الوافدين لمعظم وظائف القطاع الخاص ومزاحمتهم له في كلّ شيء، وهو في الوقت الذي تطلّع فيه لزيادة راتبه المحدود الذي لم يزد بنسبة زيادة تكاليف المعيشة، فوجئ بالأبراج تُنغّص عليه فلك حياته، وراتبه أصلًا مُختزل في استلامه ثمّ تمريره للغير دون ادّخار، سواءً لتُجّار المُستهلكات الإعاشية، أو العاملين في منزله، أو أصحاب الديون والأقساط، أو شركات الخدمات وفواتيرها المُرْهِقة، أو العلاج، أو السكن، الأمر الذي يجعل أيّ تأخير في صرف راتبه يُضاعف كدحه الذي يواجهه في رحلة بحثه الشاقّة عن بحبوحة العيْش
!.
باختصار: إنّ لسان حال المواطن الموظّف يقول
:
اصرفوا راتبي بالهجري، ونالوا أجري!.