معهد ماساشوستس للتقنية MIT من أعرق الجامعات التقنية والعلمية والهندسية في العالم، وهو الذي يؤصل لكثير من الاكتشافات والتقنيات في التخصصات التي يحتضنها، وهي علمية واقتصادية وطبية. وعبر تاريخه نال 87 أستاذاً وباحثاً فيه جوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء والاقتصاد والطب وغيرها. ولو أنه اكتفى بهذه السمعة الزاهية العالية لما جرؤ أحد على لومه، فهو كالمتنبي في عصره إذا كان الحديث عن الشعر وأهله.
ومع ذلك، فإن هذا التجديد والتجريب سمة بارزة في المؤسسات التعليمية الجامعية في الولايات المتحدة، مما يؤكد فعلاً ريادة هذه المؤسسات إلى حد كبير في تقديم تعليم رفيع المستوى مع قدرتها على وضع معايير جديدة وآليات مختلفة لبرامج تُعد تقليدية ومعروفة. إنها باختصار قوالب متجددة لمنتجات معروفة سائدة.
ومن هذه القوالب التي ثبت للجامعة إياها نجاحها بشروطها الضامنة لجودتها، برنامج للماجستير في إدارة الإمدادات الذي يقدمه مركز النقل والخدمات اللوجستية، وهو مركز مرموق داخل جامعة مرموقة.
الجديد في الأمر أن هذا البرنامج (المدمج) لا يشترط أكثر من الانتظام لفصل واحد فقط! كيف؟ الطريقة تتلخص في تسجيل الطالب في نظام MOOC
للتعلم الإليكتروني المجاني. ولمن يريد شهادة اجتياز أي مقرر دفع 150 دولاراً للتثبت من هويته واجتياز الاختبارات اللازمة في ذلك المقرر. وقد استفاد من هذا النظام حتى الآن قرابة 200 ألف شخص، نال 19000 منهم شهادات اجتياز.
وبالنسبة لبرنامج الماجستير المشار إليه، يتوجب على الطالب اجتياز 5 مقررات بعينها على نظام MOOC
، ثم التقدم لاختبار شامل فيها، فإذا اجتازه (مجرد اجتياز)، حُق له إنهاء البرنامج منتظماً خلال فصل دراسي واحد.
وفي الشهر الماضي أكمل 1100 شخص المقررات الخمسة، وتقدم حوالي 800 منهم للاختبار الشامل، فاجتازه 622 منهم، ومن هؤلاء تقدم 130 شخصاً لاستكمال برنامج الماجستير، لكن الجامعة اكتفت بقبول 40 منهم فقط بسبب السعة المقعدية المقررة سلفاً.
تلك إحدى صور الديناميكية المتجددة والمتغيرة باستمرار، فالركون إلى السائد والتقليدي يقتل الإبداع، ويجمد الفكر، ويلهي عن الغايات الكبرى التي تهدف إلى تعليم شرائح أوسع بإمكانات أبسط.