نعم هذه هي الحياة كل إنسان مهما عاش فمصيره الموت وكل من نحب لابد من فراقه يومًا ما.. لكن ما أصعب فراقك عمي وحبيبي وما أشد وقعه علينا.. كيف لا وعمي وأبي هما العمودان الأساسيان لأسرتنا المترابطة.. قد كان أبي وعمي نعم الأخوان المتحابان الوفيان المخلصان منذ صغرهما.. تحملا أعباء الأسرة بالرغم من صغر عمرهما فكانا النصفين المكملين لبعضهما البعض.. كانا متلازمين في كل شيء، في الضراء قبل السراء، أكملا المسيرة سويًا فكانا نعم الإخوة في العمل متشاركين متلازمين..
سطرا أروع أنموذج للأخوة الصادقة، للأخوة الحقيقية التي لا يفرقها الا الموت، فما أروعها من أخوة فقد كان عمي (الأب الثاني لأبي ولنا جميعًا).. كان خبر مرضه وتعبه صدمة مروعة ملأت الجفون بالدموع اعتصر القلب ألمًا وحزنًا ولهج اللسان بالدعاء ليلاً ونهارًا لهذا العم الكريم السخي الفذ في أخلاقه وتسامحه مع الجميع..
ملك قلوب الناس بحسن تعامله والكل يشهد له بذلك.. لكن قضاء الله وقدره فوق كل شيء، إنه الموت مصير كل مخلوق حي، وهذا طريق كلنا سنسلكه..
نعم خبر موته وقع كصاعقه هزت كياني، تلعثم اللسان انهمرت الدموع، أصبح النهار ظلاماً بالرغم من ضوئه الساطع..
الكل يبكيك يا عمي، الصغير والكبير، القريب والبعيد، العامل والخادم، فهنيئًا لك يا عمي هنيئًا لك حب الناس.. ستظل تعيش في قلوبنا وبيننا بأعمالك المشرقة وسيرتك العطرة، سنظل نفتخر ونعتز بك للأبد، سنظل ندعو لك ما حيينا..
وداعاً عمي الغالي وأبي الثاني ورفيق أبي في دربه، وداعاً مدرسة العطاء والبذل والكرم، وداعاً صاحب الحكمة والدعابة البريئة والابتسامة الحانية والظل الخفيف، وداعاً صاحب الخلق الرفيع، يا من يفيض بالحب والرحمة للجميع..
وصبرًا يا أبي ونور عيني، صبرًا يا صاحب القلب الكبير، صبرًا يا أبا محمد، أطال الله في عمرك وجعلك ذخرًا، صبرًا يا أبناء وبنات عمي، صبرًا إخواني وأخواتي.