مؤخرًا تم تكريم أحد مشايخ القبائل بإحدى المناطق، حيث نبع التكريم من الجماعة، وهو رجل يستحق التكريم بالفعل.. وكان رافضًا لفكرة التكريم نهائيًا، ومع الإصرار اضطر إلى قبوله. وقام الأهالي بالتبرع لدعم حفل التكريم الذي وصل إلى أكثر من نصف مليون ريال ما بين السيارة الهدية والهدايا الأخرى وحفل العشاء والحفل الشعبي.
المقصد هنا ليس التقليل من أهمية حفل التكريم.. لكن بعد الحفل ظهرت بعض الأصوات التي تنادي بتكريم مشايخ ومعرفي قبائل هنا وهناك، بحيث يقوم الأهالي بجمع المبالغ وإقامة حفلات التكريم التي ليست مستساغة لدى الغالبية باعتبار مثل هذه الحفلات تشكل ازعاجًا للأهالي الذين يضطرون إلى مجاملة الآخرين وجمع الأموال من أجل تكريم هذا الشيخ أو ذاك، مما يثقل كواهلهم بالمبالغ التي يدفعونها تحت سيف الحياء، أو مظلة «الهياط» أو المجاملات حتى لا يقال إن فلانًا من الناس ليس مرغوبًا فيه باعتباره لم يقم مع جماعته بما يجب أن يكون من وجهة نظر البعض.
الضغط على الناس في مثل هذه الحفلات ليس هناك ما يبرره.. ومثل هذه الحفلات ليس لها أي مبرر أيضًا باعتبار أنها نوع من المجاملات غير المستحبة، المجاملات التي تثقل كاهل الآخرين.
الأصوات التي تظهر بعد حفلات التكريم تقزم من هذا أو ذاك لعدم مشاركته مع جماعته في الدفع هي أصوات دفعت تحت الضغط وتحاول إخراج الكبت ضد الآخرين، بينما الأصوات التي تنادي باستمرار حفلات التكريم هي أصوات شاذه لها مصالح في إقامة مثل هذه الاحتفالات.
حفلات التكريم تؤدي الى وجود خلل في نفس المجتمع باعتبار أن هناك اهتمامًا من قبل الجماعة بالشكليات على حساب الأساسيات.. فكم من أسرة فقيرة ترى الجماعة وقد جمعوا نصف مليون في أسبوع من أجل حفلة تكريم بينما هناك أسر تئن تحت وطأة الفقر والديون.. وكم يتعجب الإنسان عندما يجد هؤلاء يتسابقون لحفلات التكريم بينما أحد الجوامع الكبيرة ينتظر تبرعات المحسنين من سنوات لإكمالة ولا يحتاج سوى ربع المبلغ لإكماله.
نتمنى أن تتوقف هذه الظاهرة السيئة التي تثقل كاهل المواطنين فالمسؤول أو شيخ القبيلة وضع لخدمة المواطنين وهم على قناعة بذلك.. لكن الهياط من البعض الذين يحاولون التقرب هو السبب في مثل هذه الحفلات التي لن تزيد في شخصية المحتفى به.. فهذه الحفلات قسمت بعض المجتمعات إلى قسمين إما معنا أو ضدنا.. نحن جماعة ويجب أن نكون يدًا واحدة.. نعم يجب أن نكون يدًا واحدة في الوقوف مع بعضنا البعض والوقوف مع أصحاب الحاجات والفقراء ودعم الأعمال الخيرية وليست في مثل هذه الحفلات.
التكريم دائمًا يكون بالاحترام والتقدير.. وليس بحفلات الهياط والرقص والتبذير.