الجامعات الخاصة الربحية لها وضع شائك ينظر إليه البعض بريبة وشك من خلال نظارة المستهلك الذي يتوجس خيفة من التاجر. وآخرون يرون فيها حلاً لمشكل المقعد غير المتوفر بسبب الطلب الكبير والمعروض غير الكافي.
وفي بلادنا الغالية استثمر عدد من رجال الأعمال في مشروعات إنشاء مؤسسات تعليمية جامعية تتضمن تخصصات كان يُظن في حينها أنها كانت مرغوبة جداً لوجود طلب على خريجيها. ولكن مع تغير الظروف المالية للبلاد وتراجع إيرادات النفط وتزايد أعداد الخريجين في الجامعات الحكومية، وقلة الوظائف المتاحة باتت تلك الاستثمارات في وضع لا تُحسد عليه. وربما زاد الوضع تعقيداً السماح للجامعات السعودية بالمنافسة الاقتصادية المتمثلة في قبول إضافي (خاصة لغير السعوديين) بمقابل.
بيد أن الحال ليست خاصة بواقعنا في المملكة، بل هي مشابهة لأحوال مؤسسات تعليمية ربحية في معظم دول العالم. وهذه مدرسة شارلوت للمحاماة (مدرسة تعني كلية) تبدأ إجراءات إقفال أبوابها ابتداء من الفصل الدراسي القادم، مع أن تخصص المحاماة في الولايات المتحدة مطلوب وبقوة، لأنها دولة تعج بالقوانين واللوائح الفيدرالية والمحلية، والأمريكي لا يثق إلاّ بمحامٍ لتنفيذ أعماله القانونية مهما كانت بسيطة.
مشكلة الكلية أنها حاولت «التوفير» عبر التقتير، فانعكس ذلك على مستوى خريجيها العلمي. وصرح بذلك النائب العام لولاية كارولينا الشمالية حيث قال: (من كل خمسة طلبة مقبولين، يتخرج واحد فقط يتمكن في الوقت نفسه من اجتياز اختبار ممارسة المحاماة BAR ويحصل على وظيفة، ليبدأ بعدها مسلسل تقسيط المستحقات المتوجبة عليه جراء القروض الحكومية التي استدانها، والتي قد تصل إلى 100 ألف دولار على مدى سنوات الدراسة.)
بالنسبة للجهة الرقابية ليس مقبولاً تخريج طلبة بمستويات ضعيفة، أما الحكم فهو اختبارات المهنة القياسية التي تفرز الجيد من المقبول، والممتاز من الضعيف.
في حالتنا ستكون هناك مصاعب، ولن يتخطاها بسهولة أحد لأن سوق العمل هو المعيار الفصل في حالتنا، وهو سوق لو تعلمون مشبع من ناحية، وغير مرن من ناحية أخرى! وفي أحسن الأحوال هو سوق حذر لا يعشق المخاطرة ولا يهوى التجديد.