Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
سالم بن أحمد سحاب

علم التعذيب !

A A
الأمريكيون مولعون بتحويل الممارسات إلى علوم، مهما بلغت من الدناءة مثلاً أو الغلظة أو حتى السخافة. فمثلاً تنقلب بالنسبة لهم الممارسات الإباحية إلى علم أسموه (بورنوجرافي)، وصناعة السينما أصبحت سينماتوجرافي، كما هو مثلاً علم الأحياء (بيولوجي)، وهلم جرا.

العلم الجديد الذي يوشك أن ينضم إلى القائمة الطويلة هو علم التعذيب، والتعذيب في القاموس الدستوري الأمريكي لفظ غير قانوني ولا شرعي، لكن عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبحت المحرمات من الضرورات في عرف المشرّع الأمريكي، واحتالوا على ذلك باعتبار أن الأرض التي تجري عليها عمليات التعذيب تقع خارج نطاق الدولة التي تنطبق عليها نصوص الدستور. وفعلاً فإن غوانتنامو جزيرة لا تخضع ممارسات استحلاب المعلومات من المسجونين فيها لأحكام الدستور. وهي بالطبع مغالطة أخلاقية كبيرة، فالمحرمات هي المحرمات أينما حدثت وكيفما حدثت. ولذلك ذهبت وعود أوباما حين توليه الرئاسة بإغلاق المعتقل الرهيب (خلال عام) أدراج الرياح إذ انتهت أعوامه الرئاسية الثمانية ولا زال في المعتقل ضحايا يُعانون وزبانية يعذبون.

طبعاً حاولت وكالة الاستخبارات الأمريكية التغطية على العلم الجديد الذي هي تنفيه جملة وتفصيلاً، لكن الذي حدث هو أن ثلاثة من المعتقلين السابقين في غوانتانامو رفعوا ضد الوكالة دعاوى اتحادية أو فيدرالية، ومن المقرر عقد أولى الجلسات للنظر فيها في الشهر القادم. وهذه القضايا مدعومة من ACLU

أو الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية.

والذي حدث هو أن وكالة الاستخبارات الأمريكية قد موّلت باحثين في علم النفس لاختراع وسائل تعذيب جديدة غير متعارف عليها عبر استخدام طرق علمية جديدة تدخل في باب التخريب غير الأخلاقي، وغير الخاضع لأصول المهنة. المشكلة أن الباحثين اخترعوا الوسيلة الخطيرة دون تجريبها أولاً لمعرفة آثارها ومدى نجاحها في انتزاع المعلومات من الضحايا الذين يتعرضون لها. ولهذا فقد وصفته جماعة (أطباء لحقوق الإنسان) بأنه من أخطر الانتهاكات لأخلاقيات مهمة الطب بواسطة ممارسين صحيين في الولايات المتحدة.

ربما كانت هذه نقطة في بحر الانتهاكات الأمريكية في حق الإنسانية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store