القصَص القَصيرَة قَد تُغْنِي عَن الحِكَايَات الطَّويلَة، وتُسَاعِد فِي إيصَال الرِّسَالة العَاجِلَة، تَمَاشيًا مَع عَصر السُّرعَة الذي نَعيش فِيهِ.. ولَكن لَا تَظنّ أَنَّ القصَّة إذَا كَانَت قَصيرة، سيَقلّ الكَلَام حَولهَا، بَل قَد يَطول ويَطول، وهَذا مَا حَدَث مَعي قَبل أَيَّام.. وإليكُم الحِكَايَة:
تَقول القصَّة العَرفجيَّة القَصيرَة: «سَأَلني: مِن أَينَ تَعلَّمتَ الصَّبر؟، قُلت: الحَيَاة فِي السّعوديَّة؛ هي دَورة مُكثَّفة لتَعلُّم الصَّبر وطُول البَال»..!
بَعد نَشْر هَذه القصَّة عَلَى جنَاح العصفُور التِّويتري، كَثُر الهَرَج والمَرَج، والدّخُول إلَى النَّوَايَا، وفَهِمَ البَعض أَنَّني أَنتَقد الجُغرَافيَا والتَّاريخ فِي السّعوديَّة، وسُوء الأَحوَال الجَويَّة، ومَا عَلِمُوا أَنَّني مُتصَالِح حَتَّى مَع الجَوّ، بكُلِّ أَنوَاعه..!
نَعَم، العَيش فِي السّعوديَّة دَورة لتَعلُّم الصَّبر، وأَكثَر مِن وَزير عِندَما يُسأَل عَن أَي مَشرُوع، يُطَالِب بالصَّبر.. وأَكثَر مِن مَسؤول، يُؤكِّد عَلَى أَهميّة طُول البَال.. هَذَا عَلَى المُستوَى الرَّسمي. أَمَّا عَلَى المُستوَى الشَّعبِي، فالدَّورَة تَكون أَعمَق وأَقوَى، فأَنتَ حِين تَقود السيَّارة، تَحتَاج إلَى صَبر أَيُّوب. ورُبَّما تَحتَاج إلَى استيرَاد أَكثَر مِن صَبرِ أَيُّوب، إذَا ذَهبتَ إلَى أَي إدَارة حكُوميَّة فِيهَا طَابور، لأنَّكَ ستَحتَاج إلَى جُرعة صَبر، ومَلعَقتين مِن طُول البَال، لتَتحمَّل النَّاس الذين يَقفزون عَلى الطَّابور، ويَتخطّون رِقَاب العِبَاد. وإذَا ذَهبتَ إلَى الخَبَّاز أَو الفَوَّال –
خَاصَّة فِي عَصر رَمضَان- ستَحتَاج إلَى جُرعَة زَائِدَة مِن الصَّبر، لتَحمُّل المُتجَاوزين والمُخَالفين؛ لأَنظِمَة سِير تَوزيع الخُبز والفُول..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نُؤكِّد عَلَى أَهمّية وقِيمة فَضيلة الصَّبر، فقد نَصَّ القُرآن الكَريم عَلَى أَنَّ أَكثَر النَّاس خِسَارَة، مَن لَم يَتوَاصوا بالحَقِّ والصَّبر. وقَال العُلمَاء: إِنَّ الصَّبر ذُكِر فِي القُرآن أَكثَر مِن الصَّلَاة، لأَهميَّته..!!