كلنا يؤمن بقدرية الموت وميقاته الذى لا يتقدم ولا يتأخر . وكلنا يعلم أنه الخاتمة ونهاية الطريق ولكن ما يحملنا لسقف الألم هي الذكريات التى يتركها الراحلون والبصمات الحلوة التى تبقى على الأمكنة والزوايا .. هذه هى الحقيقة التى عشتها بنفسي وقتما رحلت عن عيني السيدة الطيبة التى ودّعت الحياة مكللة بالبياض كما عاشتها بنفس اللون . رحلت ٦ عقود من الحب والعطاء والحنان . رحلت توأم أمي وشقيقتها ورفيقة يتمها وشريكة مشوارها الطويل .رحلت الابتسامة الحانية الرحومة .. رحلت ونظرات أمي تلاحقها وتتشبث بأمل بقائها لجوارها ،رحلت غيمة الحب التي أسقت قلوبنا بدفء مشاعرها وحنانها .
كان مشهد وداعها لشقيقتها مشهداً سيظل خالداً في ذاكرتي .. مشهداً يفيض حباً وإنسانية.. لحظات يطوقك العجز أمامها أن تفعل شيئاً ليبقى فؤادك يردد ..
نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً ..وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ
لتمر اللحظات اللاحقة للوداع كحلم ..لاتكاد تصدق ماتراه وما تسمعه، يعيدك للواقع صوت قريب يردد "أحسن الله عزاءك" .
هكذا قدر الأنقياء الأتقياء ..يمرون سريعاً لايلبثون .. يغادرون كنسمة عذبة..كطيف جميل ربما براً بهم ليقربهم إلى الجنة كما يقول سيدنا علي رضي الله عنه.
جَزَى اللُه عَنّا المَوْتَ خيرا فإِنَّهُ ..أَبَرُّ بنا مِنْ كُلِّ شيءٍ وَأَرْأَفُ
يعَجِّلُ تَخْلِيصَ النُّفُوسِ مِنَ الـأذى ..وَيُدْنِي مِنَ الدَّارِ التي هِيَ أشرفُ
عزاؤنا في فقيدتنا أن الله اختارها إلى جواره في أفضل أيام الدنيا .. في الأيام المباركة في عشر ذي الحجة .. وأن المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها ضيوف الرحمن في مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم رفعوا أكف الضراعة بالدعاء لها والصلاة عليها .. وأن روضة الجنة التي تنعم فيها بإذن الله على بعد أمتار من قبر سيد الخلق عليه أفضل الصلاة والسلام .
وما يفرح قلوبنا ويسكنها بالطمأنينة ان سجادة صلاتها هي آخر عهدها في هذه الدنيا الفانية وكلنا راحلون.
إخوتي نشمي ووافي وعبدالعزيز والغاليات روز ونوف ونجوى ووعد (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) وستبقون في عيون وقلب والدتي وعيوننا .. وفقيدتنا الغالية ستبقى ذاكرتنا محملة بجميل عطائها وبذلها.. وذكراها كغيمة ممطرة يحل الفرح معها حيثما حلت..وصوتاً يعود صداه صلوات ودعوات لاتنقطع عنها.
فقيدتنا الغالية .. تغمّدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته وسلام عليكِ يوم ولدتِ، ويوم متِّ، ويوم تبعثين.