منذ سنوات ومسلمو الروهينجا في ولاية أركان في ميانمار (بورما سابقاً) يعانون أشد المعاناة من الأكثرية البوذية، رهباناً وأتباعاً، وبتأييد حكومي ومساندة متطرفة، بحيث هاجر عشرات الآلاف من المسلمين إلى بنغلاديش الدولة المجاورة. ما يعانيه المسلمون فوق الوصف حيث تُمارس ضدهم كل أنواع التعذيب والتدمير، قرى بأكملها حُرقت وتساوت مبانيها بالأرض، الآلاف منهم ذُبحوا وحُرقوا ومئات الآلاف شُرِّدوا ،وكل ذلك تحت سمع وبصر العالم كله ،وبالصوت والصورة ،وباعتراف منظمات دولية.
في الأسبوعين الماضيين فرَّ أكثر من (87) ألف مسلم روهينجي إلى بنغلاديش وذلك بحسب المنظمة الدولية للهجرة، ومعظمهم من النساء والأطفال وفي حالة سيئة. وكما وصفته مسؤولة في المنظمة فإن كل أولئك الفارين «في حاجة ماسة إلى الغذاء والرعاية الصحية والملاجئ والأغطية». وكانت وكالة رويترز الإخبارية العالمية قد نقلت عن أحد هؤلاء الفارين قوله : «الوضع مرعب جداً المنازل تحترق والجميع يفرون من البيوت والأبناء والآباء تفرقوا وفُقد بعضهم ومات بعضهم».
هذه المأساة المتواصلة لمسلمي الروهينجا لم تجد آذاناً صاغية من العالم المتمدِّن الحر!، أو من منظماته التي تقيم الدنيا وتقعدها لو أنَّ أقلية أخرى مرَّت بنفس أو أقل مما يمر به مسلمو الروهينجا ! .
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريتش «أعرب عن قلقه الشديد» ،والمتحدث الرسمي باسمه ستيفان دوجاريك قال على لسان الأمين العام :»يدعو الأمين العام إلى السماح بدخول وكالات الإغاثة الإنسانية بحرية ودون قيود إلى المناطق المتضررة التي تحتاج مساعدات وحماية، والأمم المتحدة مستعدة لتوفير الدعم الضروري لكل من ميانمار وبنغلاديش في هذا الصدد».
الخارجية الروسية في بيان لها وزَّعته مؤخراً قالت: «ننظر بقلق للوضع في ميانمار وندعو جميع الأطراف الى حل سلمي».
حكومة ميانمار تقول :»إنها ستحقق في الانتهاكات»، هذا في الوقت الذي تمنع فيه وسائل الإعلام العالمية من الوصول الى مناطق الروهينجا. وكان بيان للأمم المتحدة قد وصف ما قامت به قوات الأمن التابعة لحكومة ميانمار ضد مسلمي الروهينجا بأنه «بلغ حد ارتكاب جريمة ضد الإنسانية».
المأساة الأخيرة إنما هي امتداد لما يعانيه مسلمو الروهينجا حيث تحرمهم حكومة ميانمار من حقوقهم رغم أنهم يصلون إلى أكثر من مليون ومائة ألف مسلم، ورغم أن حكومة ميانمار تترأسها أون سان سوتشي التي تُعتبر زعيمة وطنية وسبق أن قادت المعارضة ضد الحكومة العسكرية التي كانت تحكم ميانمار (بورما) ونالت جوائز عالمية بحجة دفاعها عن حقوق الإنسان ومنها جائزة نوبل للسلام ، إلا أنها لم تفعل شيئاً لحماية مسلمي الروهينجا بل إن حكومتها تساعد وفي وضح النهار الرُّهبان وأتباعهم من البوذيين ،كما تسمح لرجال الأمن والجيش بقتل وتشريد وحرق قرى المسلمين بأهلها وسكانها ،كما تمنع مسلمي الروهينجا من الحصول على الجنسية الميانمارية بحجة أنهم مهاجرون غير قانونيين قادمون من بنغلاديش.
المؤسف أن منظمة التعاون الإسلامي لم تزد في ردة فعلها على: «تجديد أمينها العام الدعوة لمواصلة الضغط على ميانمار لإنهاء العنف واستعادة الروهينجا حقوقهم.»؟
مأساة إنسانية بكل معنى الكلمة ومع ذلك فالعالم الحر المتمدن ومنظماته صامتون وليس لهم من حراك أو فعل سوى بيانات تنديد ،وكثير منها لطيف ظريف اللهجة، كما في بيان الأمم المتحدة والخارجية الروسية والذي يساوى بين الجلاد والضحية حين يدعو الى حل سلمي ، والواجب أن يكون تدخلاً عسكرياً دولياً يحمى إنسانية مسلمي الروهينجا ألا إنْ كان العالم يراهم بغير ذلك !.