جامعة أركانسا من الجامعات الحكومية المتوسطة حجمًا ومستوى وسمعة، ومع ذلك فقد منحتها مؤسسة خيرية أمريكية مبلغًا قدره 120 مليون دولار. المؤسسة تتبع لعائلة والتون الثرية، والمبلغ ليس مشروطًا بشيء، لكن الجامعة المحظوظة قررت استثماره في إنشاء كلية للفنون.
ويبدو أن لأحد أفراد العائلة المؤثرين صلة بالجامعة، والأغلب أنه ربما كان أحد طلبتها وخريجيها يومًا ما في الزمن القديم، وتقليد التواصل مع الجامعة عريق وراسخ في الثقافة الأمريكية، بل ويتم تجذيره على مستويات مختلفة، فمثلا عندما يتم التعريف بأحد الرياضيين (بغض النظر عن نوع الرياضة: كرة قدم أمريكية أو سلة أو بيسبول أو غيرها)، فإن المذيع لا يفوته أبدًا ذكر اسم الجامعة التي تخرج فيها اللاعب، والتخرج في الجامعة شرط لازم للاحتراف الرياضي في الولايات المتحدة.
ومن المعلوم بالضرورة أن هذه الجامعة الأمريكية ليست حتمًا الأولى التي تتلقى دعمًا سخيًّا بهذا الحجم، ولن تكون الأخيرة كذلك؛ هذا السخاء في العطاء تقابله الجامعات عادة بتكريم بسيط، لكنه مؤثر ويؤدي الغاية، ومن أهم أوجه هذا التكريم، إطلاق اسم الجهة المتبرعة -فردًا كان أم مؤسسة- على المبنى أو المعمل أو الكلية أو المرفق أيًّا كان. وفي ذلك تحقيق لهدفين كبيرين على الأقل، أولهما تخليد اسم الجهة المانحة في معلم علمي ومحفل أكاديمي وموقع جامعي، فيا له من تكريم، وهنيئًا للمكرّم بما منح، وللممنوح بما عليه حصل، وأما الهدف الآخر، فتقديم نموذج كريم صالح ليقتدي به الآخرون، وليتنافس فيه المتنافسون.
وفي دول العالم الثالث، قد لا يتسنى للجهة الممنوحة تكريم الجهة المانحة بإطلاق اسمها على المشروع الذي موّلت إنشاءه، مهما بلغ من السخاء موقعًا متقدمًا، لن أتناول الأسباب، فأصحابها أعلم بها، لكن المحصلة هي إحجام كثير من الراغبين في العطاء أو القادرين عليه؛ إذا بُخل عليه حتى بهذا المقابل المعنوي الزهيد.
وعندما يكون تخصيص التعليم الجامعي تحديدًا خيارًا لا منافس له، يتوجب عندها إعادة النظر في بعض المسلَّمات القديمة، حتى يمكن جذب عطاءات وتبرعات سخية تسهم في دعم مؤسساتنا التعليمية الرائدة الفتية.