يتابع العالم لأيام إعصار إرما المدمر الذي اجتاح عددًا من الجزر والدول في البحر الكاريبي وضرب سواحل ومدن ولاية فلوريدا الأمريكية وهدد ولايات جورجيا والأباما وتينيسي وكارولينا الشمالية وكارولينا الجنوبية.
بدأ الإعصار يتشكل يوم 30 أغسطس الماضي بالقرب من جزر الرأس الأخضر في المحيط الأطلسي ثم أخذ يتطور في قوته من فئة 2 إلى فئة 5، وهي الفئة الأعلى للأعاصير، بلغ ارتفاع الأمواج التي سببها؛ سبعة أمتار، بما يعني اعتلاء مبانٍ بكل سهولة وغمرها كليةً بالماء، وقبل وصوله إلى سواحل فلوريدا، كان قد دمر عددًا من الجزر في البحر الكاريبي منها سان مارتن الفرنسية وبورتوريكو وانغويلا وكوبا وقتل ما لا يقل عن (25) شخصًا، وخسائر مادية قدَّرها الخبراء بما لا يقل عن 100 مليار دولار.
السلطات الأمريكية في فلوريدا أجلت بالإلزام 6.3 مليون نسمة بما يعادل ثلث سكان الولاية وفرضت حظر تجوُّل ليلي وحذر حاكم الولاية ناثان ديل السكان من أن إعصار إرما أسوأ بكثير من إعصار أندرو الذي ضرب سواحل الولاية في عام 1992م وأسفر حينها عن مقتل (65) شخصًا.
والرئيس الأمريكي دونالد ترامب كتب في تغريدة له محذرًا سكان الولايات الأمريكية المحتمل وصول إعصار إرما لها بقوله: (إنها عاصفة ذات قوة تدميرية هائلة وأطلب من جميع الذين يوجدون في مسار العاصفة اتباع كل تعليمات مسؤولي الحكومة).
حسب تقديرات مركز الأعاصير الوطني الأمريكي فسرعة الرياح في إرما بلغت ما بين 175- 215 كيلو مترًا في الساعة وتفاوتت قوته ما بين الفئة الثانية إلى الفئة الرابعة، هذه الحقائق أدت إلى قطع الكهرباء عن قرابة (1.43) مليون شخص من سكان فلوريدا وتحويل شوارع المدن التي وصلها الإعصار إلى أنهار، وهو أسوأ، بحسب الخبراء، من إعصار هارفي الذي ضرب ساحل ولاية تكساس وأغرق مدينة هيوستن بالكامل قبل أسابيع.
العالم كان يشاهد وحيًا على الهواء مسار الإعصار وحركته لحظة بلحظة مع تقديرات دقيقة عن قوته وسرعة الرياح المصاحبة له ومنسوب ارتفاع مياه المحيط التي يدفعها أمامه وذلك بالتزامن مع الاحتياطات والاستعدادات والإجراءات التي اتخذتها سلطات ولاية فلوريدا والسلطات الفيدرالية الأمريكية وتوفير قرابة (390) ملجأ مزودة بكافة المستلزمات الضرورية للسكان مما أدى إلى تقليل الخسائر البشرية بشكل كبير.
إعصار إرما ومن قبله هارفي وطريقة تعامل السلطات الأمريكية وتجاوب السكان يجب أن تكون دروسًا مستفادة في العالم النامي لتقليل الخسائر البشرية قدر الإمكان. فلو أن مثل هذه الأعاصير ضربت بلدًا في البلدان النامية لكانت الخسائر فوق التصور خاصة البشرية ناهيك عن المادية، والتي ستكون عبئًا إضافيًا للمتضررين فوق فقدانهم أحباء لهم وأقرباء.
ونحن كأمة الإسلام وديننا يدعونا إلى الاحتياط واتخاذ إجراءات السلامة وغيرها تحسبًا للطوارئ وتوفير المعلومات الدقيقة لابد أن نستفيد من مثل هذه الكوارث في التحسب للأزمات والطوارئ والإعداد لها قبل وقوعها تقليلًا لنتائجها وتخفيفًا لمآسيها.