أَغْشَى المَجَالِس وأُصَاحِب النَّاس، وأَجِد الشَّكوَى -مِن قِلّة الفُرص الوَظيفيَّة- تَعلو هَذه المَجَالِس، لأنَّ التَّركيز دَائِمًا يَنصبُّ عَلَى طَلَب الوَظَائِف، والبَحث عَن كُرسي وطَاولة، فِي أَرشيف أَي إدَارَة حكُوميَّة، وهَذا الأَمر -أَعنِي انتظَار الوَظيفَة- هو الذي قَتَل هِمَّة الشَّبَاب، ومَنعَهم مِن البَحث عَن أَسبَاب الرِّزق المُتعدِّدة..!
إنَّني أَقولهَا بصِرَاحَة، ومِن وَاقع قِرَاءَات لتَجارُب رِجَال أَعمَال وتُجَّار، صَعدوا أَعلَى سلّم النَّجَاح والثَّرَاء، ومَا كَانت بدَايتهم إلَّا بدَاية يَسيرة، اعتَمَدَت عَلَى الله، ثُمَّ البَحث عَن أَسبَاب الرِّزق، إمَّا فِي مَواقِف التَّكَاسِي، أَو بَسْطَات سُوق الخُضَار، أَو المِهَن اليَدويَّة، التي تَدرُّ ذَهبًا عَلَى أَصحَابهَا..!
دَائِمًا أُركِّز عَلَى البَحث عَن أَسبَاب الرِّزق، فهي قَد تَأتِي وأَنتَ فِي طَريقك إلَى المَسجد، أَو فِي طَريقك إلَى المَقْهَى، أَو فِي طَريقك إلَى أَصحَابك، لأنَّ فِعل السَّبَب، يُحرِّك القوَّة الخَفيَّة فِي الكَون، ويَجعلهَا تَنسَاق إليكَ، وتَبحَث عَنك..!
وإليكُم هَذه القصَّة، التي رَوتهَا السيّدة «روث فيشيل» فِي كِتَابِهَا «غَيّر أَي شَيء تَقريبًا خِلال 21 يَومًا»، فِي سِيَاق البَحث عَن السَّبَب، حَيثُ تَقول: (سَارَ رَجُل فِي الغَابَة، فرَأَى ثَعلبًا فَقَد سَاقيه، فتَعجَّب الرَّجُل مِن كَيفية بَقَائه حَيًّا. بَعد ذَلك رَأَى نِمرًا، يَأتي وهو يَحمل فَريسةً فِي فَمه، حَيثُ أَكَل النِّمر حَتَّى شَبع، وتَرك بَاقي اللَّحم للثَّعلَب. وفِي اليَوم التَّالي، أَطعَم الله الثَّعلَب بنَفس الوَسيلَة، عَن طَريق النِّمر. أَخَذَ الرَّجُل يَتعجَّب مِن عَظمةِ الله، وقَال لنَفسه: سَوف أَجلس أَنَا أَيضًا فِي الرُّكن، وكُلِّي ثِقَة فِي الله، ولسَوف يُعطيني كُلّ مَا أَحتَاجه. وبالفِعل قَام بذَلك لأيَّامٍ كَثيرة، إلَّا أَنَّ شَيئًا لَم يَحدُث. وعِندَما وَصَل إلَى حَافّة المَوت، سَمع صَوتًا يَقول: أوه، أَنتَ يَا مَن تَقف عَلَى الطَّريق الخَطَأ، افتَح عَينيك للحَقيقَة! تَوقَّف عَن تَقليد الثَّعلَب العَاجِز، واتّبع نَموذج النِّمر)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: أَيُّها النَّاس، ابحثُوا عَن أَسبَاب الرِّزق، وإذَا كَان حُلمكِ أَيَّتُهَا الفَتَاة أَنْ تَكوني طَبيبة، فمَا عَليكِ إلَّا فِعل الأسبَاب، وهي الحصُول عَلَى المُعدَّل العَالِي، الذي يُؤهِّلك لدخُول كُليّة الطِّب..!!