عندما تختل التربية وتنحرف عن مسارها وتسلك منحى آخر تركز فيه على الماديات، وتهمش الروحانيات، ويتحول إدراك الأسرة لتوفير المأكل والملبس وكل رغبات أبنائهم، ومنحهم الحرية غير المشروطة ودون أن يعطوا حصانة ومناعة من تلك الأمراض الخلقية والنفسية فيصلون لمرحلة المراهقة، وهنا يكون مكمن الخطر، وفرصة المنظمات والأحزاب الطائفية وغيرها، لبث أفكارها المسمومة لزعزعة الأمن، وخلخلة النظام، ولنشر منهجها التكفيري، فالإنسان إن لم تكن ثوابته قوية كادت أي ريح هوجاء تودي به.
فالمواطن الصالح يجب أن يكون لنفسه مجموعة من القيم والاتجاهات التي تضبط تصرفاته، وتتحكم في ردات فعله أمام أي فكر يقتحمه، أو عمل يخترقه، ولابد أن يكون على وعي بما يحاك ويخطط حوله ليحافظ على نفسه من الفكر المتطرف والتخريبي، ولن يتحقق ذلك بالجهل والتغييب عن الواقع، ولابد أن يكون ولاؤه وانتماؤه لوطنه، فوطن لا يحميه ولا يحترق من أجله لا يستحق العيش فيه، والتمتع بخيراته.
وهذا هو دور الأسرة، والمدرسة، والمجتمع بكل شرائحه، والإعلام التنشئة على المواطنة الصالحة والدعوة لها، فجميعنا يدرك جيدًا أن الطاعة لله وللرسول صلى الله عليه وسلم، ولولي الأمر وهذا ما تدعو إليه عقيدتنا السمحاء، وشريعتنا الغراء، ومنهجنا الأصيل، المستقى من الكتاب والسنة.
فالمواطنة الصالحة لابد من تعاون الجميع في غرسها وتطبيقها قولا وعملا، فالقيم هي أصل حضارة المجتمعات وتماسكها، ولها أهميتها في تحقيق الصحة النفسية للجميع، فهي تهدف لبناء الإنسان وفق الطينة الخيرة التي ارتضاها الله له، وبها يتمايز عن باقي الكائنات فهو الكائن الذي يتعقل، ويتدبر، ويتفكر، ويعمل وفق قيمه الخيرة التي رباها عليها دينه، وهي الحصانة له والمأمن الذي يلوذ إليه ليحميه من أفكار متطرفة ومن إصابات مصوبة له لتعطيل فكره، والإضرار به وبمجتمعه وبوطنه.
ويومنا الوطني فرصة لتعميق حب الوطن والولاء له ولحكامه تعبدا لله وإرضاءً له، ونصرة لدينه.