يوم الثلاثاء 6 محرم 1439هـ، صدر الأمر السامي بالسماح للمرأة بقيادة المركبات مع مراعاة تطبيق الضوابط الشرعية اللازمة والتقيد بها، كما أشار الأمر إلى ما رآه أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء بشأن قيادة المرأة للمركبة من أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأن مرئيات من تحفظ عليه تنصب على اعتبارات تتعلق بسد الذرائع المحتملة التي لا تصل ليقين ولا غلبة ظن، وأنهم لا يرون مانعًا من السماح لها بقيادة المركبة في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية اللازمة لتلافي تلك الذرائع ولو كانت في نطاق الاحتمال المشكوك فيه، ولكون الدولة هي حارسة القيم الشرعية فإنها تعتبر المحافظة عليها ورعايتها في قائمة أولوياتها سواء في هذا الأمر أو غيره، ولن تتوانى في اتخاذ كل ما من شأنه الحفاظ على أمن المجتمع وسلامته، لذا اعتمد الأمر السامي تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية بما فيها إصدار رخص القيادة على الذكور والإناث على حد سواء، ويكون التنفيذ اعتبارًا من 10/10 /1439هـ وفق الضوابط الشرعية والنظامية المعتمدة.
وهذا الأمر كان مطلبًا ملحًا منذ عدة سنوات للنصف الآخر من المجتمع في ظل عدم وجود المانع الشرعي له، وأيضًا اختلاف الآراء في القبول أو الرفض، ولكن طالما الأصل فيه (الإباحة) فيبقى الأمر مرهونًا باحتياج كل فرد وأسرته في التطبيق من عدمه، والمجتمع بحاجة إلى إعادة التفريق بين الدين والأحكام الشرعية والأعراف المعمول بها حتى أصبحت تمثل لنا هاجسًا لا نعرف كيف نتخلص منه وسورًا أحطنا أنفسنا به حتى أصبحنا سجناء لأوهامنا وأعرافنا.
هذا الأمر السامي ظن البعض بأنه انتصار لحقوق النساء فقط، ولكني أرى أنه يمثل انتصارًا لحقوق الرجل قبل النساء الذي حمل هذا العبء منذ زمن طويل وحان الوقت له أنه يرتاح من دور السائق الذي يوصل الأولاد للمدرسة والزوجة للزيارات والمستشفيات والأسواق ويحضر طلبات المنزل وغيرها، وحان للمرأة أن تتحمل جزءًا من مسؤوليات بيتها وتشارك الرجل في هذه التوصيلات وتتعرف على حجم المعاناة التي تحملها الزوج والسائق وخصوصًا في عملية الانتظار لأي مشوار.
بقي أن نقول: الله يعين على تحمل تكاليف سيارات إضافية للزوجة والبنت ويمكن للعاملة المنزلية أيضًا، ولكن مع كل ذلك سوف نرى تحسنًا كبيرًا في أخلاقيات السائقين من الذكور بعد هذا القرار الذي يُعدُّ دافعًا للجميع بالتغيير.