«رحم الله من أهدى إليّ عيوبي»، كلمات قيمتها من أندر الأحجار الكريمة، ألماس وزبرجد وزمرد وياقوت في المعيار البشري، وهي دستور للتعامل الإنساني بين المسؤول ومواطنيه كما بين كل المتعاملين من بني البشر. هذه الكلمات قالها كما هو معروف بين الجميع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وهو يدّشن مشاريع الطائف الجديد. وأكمل -حفظه الله- بقوله: «إذا رأيتم أي شيء فيه مصلحة لدينكم وبلادكم فأهلا بكم، أبوابنا مفتوحة وهواتفنا مفتوحة وآذاننا صاغية لكل مواطن».
بمثل هذه الكلمات يخط حفظه الله دستورًا لكيفية التعامل الإنساني ليس فقط بين المسؤول والمواطنين بل بين المتعاملين أنفسهم مع بعضهم البعض في حتمية احترام الآخر وفي الطرق المهذبة للتعامل سواءً في الطلب أو في الاستجابة.
أعلى سلطة في الوطن تقول هذه الكلمات بكل وضوح وأمام الكاميرات وتحت بصر وسمع العالم وهذا ما يعطيها قيمة مضافة ومكانة أسمى. نحن في مجتمعنا المحلي ومنذ أزمنة نعاني من تعالي المسؤولين كبارًا وصغارًا بحيث غدت طرق التعامل معهم نوع من الفضل والمِنَّة وليس أداءً لواجب وتلبية لحق أو مهنية بحتة..!!!.
الأدهى والأمرّ أننا وفي غفلة من الزمن وبعكس التطور الطبيعي للمجتمعات البشرية أغلقنا أذهاننا وأبصارنا عن مُسلّمة بشرية وهي حق الاختلاف بين البشر التي جعلها الحق سبحانه وتعالى إحدى صفات مخلوقاته في التنوع والاختلاف لونًا وجنسًا ولغة وفكرًا وسلوكًا. فسادت مع هكذا حال عقلية «الفاهم» أو على رأي أحبتنا أهل مكة «أبو العريف» الذي يفتي في كل شيء ويجيب على كل كبيرة وصغيرة ولا يقبل أبدًا أي اختلاف أو معارضة ولهذا تحجرت حركة المجتمع وأصابت أطرافه استاتيكية قاتلة حرمته من إبداعات أبنائه في كل المجالات الحيوية الحياتية وتخلف بالتالي عن ركب أنداده من المجتمعات البشرية الحية الأخرى.
اليوم ومع حركة تطور متسارعة يضيء خادم الحرمين بكلماته مسارات لكل أبناء المجتمع بأن الاختلاف حق مشاع وأن من يضع مصلحة الوطن والعموم أولاً مُرحب به وبفكره وأن في ذلك خيرًا كبيرًا للوطن وأهله. فشكرًا ياخادم الحرمين من الأعماق.