خَيرَات الحيوَان عَلَى الإنسَان كَثيرَة وَفيرَة، ومِن المَعروف أنَّه يُسَاعد الإنسَان فِي النَّقل، والأَكل والشُّرب والحمَايَة، ولَكن الذي لَا يَعرفه النَّاس، أَنَّه يُسَاعد فِي تَحقيق العَدَالَة أَيضاً..!
وحَتَّى نُعطي دَليلاً عَلى هَذا الكَلَام، إليكُم قصَّة -ذَكرهَا قَبل أَكثَر مِن رُبع قَرن- الكَاتِب العَميق والأَخ الصَّديق «عبدالله باجبير»، فِي كِتَابه «قُل لِي مَن أنتَ»- تَقول القصَّة: (ذَات لَيلَة تَوجَّه ثَلاثة لصُوص بثَلاثة حمير إلَى مَخزن للحبُوب، وعِندَما حَمل كُلّ صَاحب حِمَار عَلى دَابّته مَا يَقدر عَليه، وبَدأوا العَودة بِمَا سَرقوا، شَعر بِهم حَارس المَخزن، فمَا كَان مِنه إلَّا أَنْ أَطلَق عِيَاراً نَاريًّا للإرهَاب، ففَرّ اللُّصوص هَاربين، تَاركين الحمير بِمَا حَمَلَت، وتَشبَّث الحَارس بالحمير الثَّلاثَة، وتَجمَّع النَّاس، وحَضَرَت الشُّرطَة، واقتَرح أَحَد الحَاضرين مِن رِجَال الشُّرطَة، إطلَاق سَبيل الحمير، لأنَّها ستُرشد عَن أَصحَابهَا عِندَما تَسلك الطَّريق إلَى بيوتهم، وأُطلِق سَرَاح الحمير، فانطَلقَت النَّاس وَرائهَا، وإذَا بالمُفَاجَأَة غَير المُتوقَّعة تَحدُث، فلقَد تَوجَّهت الحمير إلَى قَرية مُجَاورة، ودَخَلَت إلَى درُوبهَا، وتَفرَّقت عَن بَعضهَا، كُلّ حِمَار فِي طَريق، وتَوقَّفت كُلّ دَابَّة أَمَام بَيت إنْ كَان مُغلقاً، أَو دَخلَته إنْ كَان مَفتوحاً، ويُقبض عَلَى اللّصُوص، وكالعَادَة يَنكرون، وتُعَاد التَّجرُبَة مَرَّة بَل مَرَّات، ويَعود كُلّ حِمَار إلَى طَريقهِ وبَيتهِ، وأَخيراً انهَار اللّصُوص، وحَكَم القَاضي بإدَانَتهم، وتَبرئة الحمير)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي التَّأكيد عَلَى أَنَّ الحمير شَهدت عَلَى القَضيَّة، وهي مرتَاحة الضَّمير، وإذَا كُنَّا نَستَهتر دَائِماً بمَقولة «التِّكرَار يُعلِّم الحِمَار»، فإنَّ الحمير فِي هَذه القصَّة، عَلَّمت أَهل القَرية الشُّطَّار، كَيف يَتعرَّفون عَلَى اللّصُوص، ويَقبضون عَليهم، لذَلك دَعونَا نُغيِّر المَثَل ونَقول: «الحِمَار يُعلِّم الشُّطَّار»..!!