مثلما وظف الفرس شعرهم وشعراءهم لخدمة الأحزاب العربية، وأنطقوا العرب بكثير من نثر الكلام وشعره تفاخراً بهذا الجانب أو الآخر من الأحزاب العربية المتصارعة، أنطقوا شعراء عديدين يشيدون بمفاخر العجم. ووظفوا، على سبيل المثال، شاعراً من شعراء الطائف بأبيات رواها الثقات من الرواة على أنها صحيحة لا شك فيها، لمدح
الفرس وأفضالهم السابقة على العرب.
***
وَيُورِدُ د. طه حُسَيْن ما رأى أنها أبيات أضيفت وجُيِّرت إلى أبي الصلت بن ربيعة، وهو أبو أمية بن أبي الصلت المعروف ،يتفاخر فيها بالفرس
وملوكهم، جاء فيها:.
لله درهم من عصبة خرجوا... ما إن ترى لهم في الناس أمثالا.
بيضاً مرازبة غراً جحاجحة... أسداً تربَّب في الغيضات أشبالا.
لا يرمضون إذا حرت مغافرهم... ولا ترى منهم في الطعن ميالا.
من مثل كسري وسابور الجنود له... أو مثل وهرز يوم الحبش إذ صالا.
فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً... في رأس غمدان دارا منك محلالا.
واحتطم بالمسك إذ شالت نعامتهم... وأسبل اليوم في برديك إسبالا.
تلك المكارم لا قعبان من لبن... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
***
وهكذا تسرب الموالي من الفرس في جسد الخلافة الأموية وبثوا سمومهم وأحقادهم بمباركة من خلفاء وسلاطين وولاة العرب. لا غرابة إذاً «أن الكثرة المطلقة من العلماء الذين انصرفوا إلى الأدب واللغة والكلام والفلسفة كانوا من العجم الموالي، وكانوا يستظلون بسلطان الوزراء والمشيرين من الفرس أيضاً، وكانت غايتهم قد استحالت من إثبات سابقة الفرس في الملك والسلطان الى ترويج هذا السلطان الذي كسبوه أيام بني العباس وإقامة الأدلة الناهضة على أن الأمر قد رد الى أهله وأن العرب لم يكونوا
أهلاً لهذه السيادة.
#نافذة_alsowayegh
يبدو من الصعب تجاوز عامل الدين والمذهب في فهم العلاقة بين العرب وإيران..
محجوب الزويري