تعد مشروعات توسعة الحرمين الشريفين من الأعمال الجليلة التي تخدم بها المملكة الإسلام والمسلمين، حيث أولى ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة عمارة الحرمين الشريفين جل اهتمامهم وعنايتهم، ووضعوا مشروع عمارة الحرمين الشريفين وتوسعتهما والاهتمام بهما في مقدمة الاهتمامات، انطلاقًا من إيمانهم العميق أن تلك أمانة شرفت بها المملكة.
وتجسد مدى اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- وحرصه على تحقيق كل ما يُمكّن وفود الرحمن من أداء نسكهم وعباداتهم بكل يسر وسهولة وراحة واطمئنان وتوفير الرعاية الشاملة لهم وتسخير جميع الإمكانات؛ لتوفير أفضل الخدمات للحجاج والمعتمرين والزوار؛ ليتسنى لهم أداء نسكهم بيسر وأمان.
متابعة مستمرة
يتابع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- مشروعات توسعة المسجد النبوي والمنطقة المركزية، بالإضافة إلى كل الدراسات الهادفة إلى التطوير والتحسين المستمر والتي تشرف عليها عدد من الجهات الحكومية بالمدينة المنورة، ويؤكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على أهمية الحرص على متابعة العمل في مشروع التوسعة الكبرى للمسجد النبوي والمشروعات المرتبطة بها، التي تصب جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين من شتى أرجاء العالم، وكذلك خدمة أهالي مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم وزوارها.
ويجسد اطلاع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- على تلك المشروعات اهتمام وحرص ملوك المملكة العربية السعودية الرامية لخدمة ضيوف الرحمن، زوار المسجد النبوي الشريف.
مكانة عظيمة
ويحتل المسجد النبوي الشريف بالمدينة مكانة عظيمة في قلوب المسلمين في شتى أنحاء المعمورة، حيث يزوره من يفد إلى هذه البلاد لأداء مناسك الحج والعمرة للصلاة فيه والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى صاحبيه -رضوان الله عيهما-.
ومر المسجد النبوي الذي يعد من أكبر المساجد في العالم، بعدّة توسعات عبر التاريخ، مرورًا بعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية فالعباسية والعثمانية، وأخيرًا في عهد الدولة السعودية حيث شهد توسعات هي الأضخم في تاريخه، ويعد المسجد النبوي أول مكان في الجزيرة العربية تتم فيه الإضاءة عن طريق استخدام المصابيح الكهربائية عام 1327هـ، كما يعد ثاني مسجد بناه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في السنة الأولى من الهجرة.
اهتمام المؤسس
وبعد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - كان من اهتماماته الأولية رعاية شؤون الحرمين الشريفين، وأجريت عدة إصلاحات للمسجد النبوي الشريف وفي سنة 1365هـ لوحظ تصدع في بعض العقود الشمالية وتفتت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل لافت للنظر، فصدر أمر الملك عبدالعزيز بعد دراسة المشروع بإجراء العمارة والتوسعة للمسجد وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيدٍ أو شرط مع توسيع الطرق حوله.
وأعلن الملك عبدالعزيز في خطاب رسمي سنة 1368هـ عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف والبدء بالمشروع، وفي سنة 1370 هـ بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف، وفي ربيع الأول 1374هـ احتفل بوضع حجر الأساس للمشروع، بحضور ممثلين عن عدد من الدول الإسلامية، ونظرًا لأن عمارة السلطان عبد المجيد كانت في أحسن حال، فضلًا عما تتسم به من جمال وإتقان، فقد تقرر الإبقاء على قسم كبير منها، واتجهت التوسعة إلى شمال وشرق وغرب المسجد الشريف، وانتهت العمارة والتوسعة في سنة 1375 هـ.
الملك سعود
في عهد جلالة الملك سعود -رحمه الله- وكانت العمارة قوية جميلة رائعة بالأسمنت المسلح، ونتج عن هذه التوسعة أن أضيف إلى مسطح المسجد 6033 مترًا مربعًا، واحتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو، وهو ما كان صالحًا للبقاء، وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية 12271 مترًا مربعًا، وأقيمت التوسعة كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة، عبارة عن أعمدة تحمل عقودًا مدببة، وقسم السقف إلى مسطحات مربعة شكلت على نمط الأسقف الخشبية وزخرفت بأشكال نباتية، وعملت الأعمدة المستديرة تيجان من البرونز وزخرف أيضًا، أما المآذن فقد بلغ ارتفاعها 72 مترًا تتكون كل واحدة من أربعة طوابق تناسقت في شكلها مع المنائر القديمة للمسجد، كما حليت جدران المسجد بنوافذ جميلة، وجعل للمسجد صحنان مفصولان برواق بدلًا من واحد، وتمت تغطية أرضية المسجد بالرخام، وأصبح للمسجد النبوي الشريف عشرة أبواب.
الملك فيصل
وفي عهد الملك فيصل -رحمه الله- ونظرًا لتزايد الأعداد الوافدة للمسجد النبوي، خاصة
في موسم الحج، نتيجة لسهولة المواصلات والتنقل، والراحة التي يلقاها الحاج والزائر في هذه البلاد الطاهرة، حيث وفرت له الحكومة السعودية كل ما يحتاجه من أمن واستقرار وتوفر المتطلبات الأساسية له، بما جعل أمر توسعة المسجد النبوي الشريف أمرًا ضروريًّا حتى يستوعب هذه الأعداد المتزايدة ، فأصدر جلالة الملك فيصل رحمه الله أمره بتوسعة المسجد النبوي الشريف، وكانت هذه التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط، وتمثلت التوسعة في إضافة 000 ر35 متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف، ولم تتناول عمارة المسجد نفسها، بل جهزت تلك المساحة لإقامة مصلى كبير مظلل، يتسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد،
الملك خالد
وفي عهد الملك خالد -رحمه الله- حصل حريق في سوق القماشة سنة 1397 هـ، وهو في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف، وتمت إزالة المنطقة وتسوية أرضيتها، وتعويض أصحاب الدور والعقار، وتمت إضافتها لمساحة المسجد، وبلغت المساحة 43000 متر مربع وهو ميدان فسيح مظلل، وأضيف إلى أرض المسجد النبوي، ولم تتناول عمارة المسجد، وقد تم تخصيص جزء منها مواقف للسيارات.
الملك فهد
وفي عهد الملك فهد بن عبد العزيز -رحمه الله- أمر بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للحرم النبوي، وكان دافعه إلى ذلك كله أن يكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في
أرجاء العالم الإسلامي، وفي سنة 1405 هـ تم وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة للمسجد، وتضمن مشروع التوسعة وعمارته إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحالي يحيط، ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 000ر82 متر مربع يستوعب 167 ألف مصلٍّ، وبذلك تصبح المساحة الإجمالية للمسجد النبوي الشريف 98500 متر مربع، كما أن سطح التوسعة تمت تغطيته بالرخام والمقدرة مساحته بـ67000 متر مربع ليستوعب 90 ألف مصلٍّ، وبذلك يكون استيعاب المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة لأكثر من 000ر257 مصلٍّ ضمن مساحة إجمالية تبلغ 500ر165 متر مربع.
وتتضمن أعمال التوسعة إنشاء دور سفلي (بدروم) بمساحة الدور الأرضي للتوسعة، وذلك لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى، ويشتمل المشروع كذلك على إحاطة المسجد النبوي الشريف بساحات تبلغ مساحاتها 23 ألف متر مربع تغطى أرضيتها بالرخام والجرانيت، وفق أشكال هندسية بطرز إسلامية متعددة جميلة، خصص منها 000ر135 متر مربع للصلاة، يستوعب 250 ألف مصلٍّ.
ويمكن أن يزيد عدد المصلين على 400 ألف مصلٍّ في حالة استخدام كامل مساحة الساحات المحيطة بالحرم النبوي الشريف، مما يجعل الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به تزيد على 650 ألف مصلٍّ؛ لتصل إلى مليون مصلٍّ في أوقات الذروة.
التوسعة الكبرى
ويتابع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أعمال التوسعة الكبرى التي انطلقت في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- مع الكثير من المستجدات والمتغيرات التي طرأت على التصميمات، حيث الاهتمام بمشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها - أيده الله - وهي من المشروعات العملاقة، حيث جاء التوجيه بتصنيعها وتركيبها على أعمدة ساحات المسجد النبوي الشريف التي يصل عددها إلى 182 مظلة، ثم الأمر بإضافة 68 مظلة في الساحات الشرقية، وتغطي هذه المظلات مساحة 143 ألف متر مربع من الساحات المحيطة بالمسجد من جهاته الأربع يصلي تحت الواحدة منها ما يزيد على 800 مصل، يضاف إلى ذلك تظليل ستة مسارات في الجهة الجنوبية يسير تحتها الزوار والمصلون وهذه المظلات صنعت خصيصًا لساحات المسجد النبوي على أحدث تقنية،
المـسـجـد الـنـبـوي الشريف في قلب «سلمان» مشروعات عملاقة تجسد الاهتمام وتخدم ضيوف الرحمن
تاريخ النشر: 09 نوفمبر 2017 02:18 KSA
250 مظلة على مساحة 143 ألف متر مربع
A A