قد يكون من السهل على الإنسان اكتساب مهارات خاصة تعينه على شق طريقه في الحياة، وتيسّره لما كُتب له من أقدار الله، فثمة الطبيب والمهندس والعالم والسياسي والمؤرخ والاجتماعي والفني والتقني، والقائمة تطول.
أما أن يكون المرء فيلسوفاً في هذه الحياة، فتلك قصة أخرى. ذلك أن كثيراً من كلام الفلاسفة يتضمن قدراً كبيراً من الحكمة، {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}.. إنه تقرير صادق من لدن حكيم عليم. وفي المقابل، فإن كثيراً من كلام الفلاسفة تهافت يجانب الحكمة.
وهذا الفيلسوف الإنجليزي الشهير «وليام شكسبير» كتب في أحد مؤلفاته عن أهم الألعاب التي يود إهداءها إلى طفله إن رُزق بطفل! بالنسبة له ليست هذه اللعبة للتسلية فحسب، وإنما لأن من ورائها دروساً كثيرة، يتعلم منها الطفل أشياء لما بعد الطفولة لترافقه حتى الكهولة. لقد اختار البالونة، سعرها قليل، لكن درسها كبير.
يقول شكسبير: «لو أن الله رزقني ابناً سأجعل البالونة أكثر ألعابه، وأشتريها له باستمرار. فلعبة البالونة تعلمه الكثير من فنون الحياة: تعلمه أن يصبح كبيراً ولكن بلا ثقل وغرور.. حتى يستطيع الارتفاع نحو العلا!
وستعلمه أن ما بين يديه قابل للفناء في أية لحظة، وأن هذا الفناء أو الفقدان قد يحدث بلا مبرر أو سبب؛ لذلك عليه ألاّ يتشبث بالأشياء الفانية ولا يهتم بها إلا على قدر معلوم.
ومن أهم ما سيتعلمه ألاّ يضغط كثيراً على الأشياء التي يحبها، وألاّ يلتصق بها لحد إيذائها وكتم أنفاسها؛ لأنه سيتسبب في انفجارها ويفقدها للأبد، فالحب يكمن في إعطاء الحرية لمن نحبهم.
وسيفهم كذلك أن المجاملة والمديح الكاذب وتعظيم الأشخاص لمجرد المصلحة يشبه النفخ الزائد في البالونة؛ مما يسبب انفجارها في وجهه، وقد يؤذي نفسه بنفسه.
وأخيراً سيدرك أن حياتنا مرتبطة بخيط رفيع مثل البالونة المربوطة بخيط حريري لامع، ومع ذلك تراها ترقص في الهواء غير آبهة بقصر مدة حياتها أو ضعف ظروفها وإمكانياتها.
نعم سأشتري له بالونات باستمرار، وبألوان مختلفة؛ كي يحب ويتقبل الجميع، بغض النظر عن أشكالهم وألوانهم وخلفياتهم».