كم من البشر تحطمت آمالهم وذهبت أعمارهم سدى بسبب الكحول أو «الخمر»، وهو المصطلح الشرعي والنظامي! الإحصائيات تؤكد أن هذه الأعداد قد جاوزت الملايين، بل عشرات الملايين! بعض هؤلاء أصحاب نفوذ وسلطان وجاه! وبعضهم أصحاب حياة عادية كان يخيم عليها ظلال من الحب والسلام، فإذا هي حياة تعيسة بائسة بسبب تعاطي أحدهم الكحول! ربما كان رب أسرة هانئة سعيدة، ثم ما لبث أن أدمن الخمر لتذهب به في مسالك الهالكين إلا أن يتوب وإلى رشده يثوب.
وقصص المصابين بهذا الداء لا تكاد تنتهي خاصة في الدول التي تبيحه بيعًا وشراء واستهلاكًا.. وهذه قصة مواطن أمريكي ذكرتها مجلة التايم الأمريكية مثالًا على رجل استنقذ نفسه من أم الخبائث بعد أن تهدم بنيان أسرته وضاعت آمال حياته.. لكن السيد/ نين Nin
البالغ من العمر 55 سنة، وبعد التحاقه بثلاثة برامج (متباعدة زمنيا) في مراكز للتأهيل من مدمني الكحول، قرر نين أن يقلع.. ولكي يقلع، فهو لا يترك لنفسه وقتًا يضيعه بين أصحاب السوء الذين يدفعونه إلى السهر والأنس وشرب المسكر حتى يفقد صوابه. هو اليوم يعمل في وظيفة أثناء النهار، ويعمل سائق أوبر معظم الليل، حيث يقدم خدماته لزبائن (جلهم سكارى) يذكرونه باستمرار بماضيه القريب التعيس، ومع ذلك فهو يناضل كي يبقى بعيدًا عن العادة اللعينة والممارسة الخبيثة. يقول صاحبنا: إنه قد أخذ على نفسه عهدًا أن يتصل بأخته في كل مرة تحدثه نفسه بتعاطي المشروب المدمر، وبذلك يرتدع لأنه لا يرغب في أن يسمع سيل النصائح من أخته، وهو يعلمها مسبقًا.
الشاهد أن هذا الرجل ابتدع آلية لردع نفسه، فهو يستحيي من أخته! وعليه فالأمل أن يستحيي كل مسلم من ربه الذي يعلم السر وأخفى، والذي يمنح الحسنة مقابل ترك السيئة.
ربما كان في تعاطي خمر الدنيا شيئًا من أعراض السكون والتهدئة، لكن عواقبه السيئة تفوق كل ما يُشاع عن حسناته المزعومة، وصدق الله عز وجل (وإثمهما أكبر من نفعهما)، أي الخمر والميسر.