لا ريب أن نموذج (أوبر) و(كريم) وغيرهما قد هزّ سوق التنقل الشخصي بصورة عنيفة لم تكن مسبوقة في عالم النقل البري داخل المدن وما حولها. هو نقلة نوعية استفاد منها كل الأطراف: مالك التطبيق الإلكتروني، والسائقون أصحاب المركبات، والعملاء وما أكثرهم.
اليوم يُثار سؤال على نفس القدر بالنسبة لعالم الطيران وصناعة الطيران! وقد واجهت هذه الصناعة نقلة نوعية سابقة في أوائل الثمانينيات عندما وُلدت نماذج غير متوقعة كانت محل سخرية الناقلات الكبيرة المعتادة أمثال يونايتد ولوفتهانزا والبريطانية والفرنسية ودلتا والأمريكية وعشرات غيرها، ممن راهنوا على فشلها ولو بعد حين. وكانت من ضمن تلك النماذج التي نجحت ولا تزال طيران رايان وإيزي جت وساوث ويست وعشرات وُلدت بعدها، وقد أسميت بالخطوط الاقتصادية أو المنخفضة التكلفة، وكان تركيزها على الرحلات قصيرة المدى على الطائرات الصغيرة نسبيًا ذات الممر الواحد.
اليوم تُنافس هذه الخطوط الاقتصادية جاراتها الكبرى على الرحلات الطويلة، وعلى نموذج المطارات المحورية التي تستقبل الركاب في مطار محوري رئيس لتنقلهم إلى مطارات أخرى بعيدة أو قريبة على رحلات مواصلة أخرى. وأخرى مهمة هي محاولاتها مؤخرًا اجتذاب ركاب درجات الأعمال عبر تطوير النموذج ليكون دائمًا جاهزًا للمنافسة! لكن سؤال الغد القريب: هل يمكن (أوبرة) صناعة الطيران؟ بمعنى تطبيق نموذج (أوبر) على السفر الجوي؟ وهل السفر عبر الجو إلاّ انتقال من مكانٍ إلى آخر، كما يفعل راكب أوبر؟!
كل الدلائل والمؤشرات تدل على أن الغالبية العظمى من العملاء يرغبون في أسعار أقل بالرغم من كل المحاذير الواردة، مثل عدم أهلية بعض موظفي أوبر وسوء تعاملهم، وربما قلة خبرتهم بالنسبة لصناعة متطورة ومعقدة مثل الطيران التجاري!
هذا السؤال الكبير هو محط اهتمام أناس كثير! ولا يغرنّ العالم العربي «النائم» أبدًا في العسل عدم ظهور هذا السؤال ونقاشاته وحواراته إلى السطح، فالأمور تجري في كتمان، والعمل الجاد يتطلب كثيرًا من الجهد وبذل المال وتنظيم الأوقات، وقبل ذلك كله وضوح الهدف وجمع العقول المبدعة واستخراج أروع ما لديها مع العناية بها وإكرامها.