إذا كان العرب عاجزين عن الاقتناع بمخاطر السكوت عن الصلف الإيراني فإن الدور سيأتي عليهم واحداً تلو الآخر، وإذا كانت أوربا ودول أخرى تغمض عيونها عن رؤية مخاطر الصواريخ الإيرانية الباليستية والقوة النووية الآتية عند انتهاء مفعول الاتفاقية الحالية، وربما قبلها، فإن ذلك سيؤدي الى أن يدفع العالم كلفة عالية من الأرواح والأموال في مستقبل قد لا يكون بعيداً. وهو وضع مماثل لما وقع عندما تعامل العالم في الثلاثينيات من القرن الماضي مع صعود هتلر والنازيين لحكم ألمانيا بالتشكيك في جدية كل ما بدر منهم حتى انتهى الأمر بحرب عالمية فقد فيها عشرات الملايين أرواحهم ، ودُمرت خلالها بلدان عديدة.
عندما تولت المجموعة الحاكمة الآن في طهران أوائل عام 1979، أعلنت دستوراً ينص على أمرين خطرين، أولهما أن الدولة الإيرانية هي دولة مذهبية شيعية، وثانيهما أن مهمة أجهزة الدولة ستكون تصدير (ثورتها) إلى مختلف أنحاء العالم. وبالفعل سعت أجهزة أنشأها الملالي (رجال الدين الإيرانيون)، إلى تصدير الإرهاب إلى مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك لبنان والأرجنتين وغيرهما. وعندما برز «حزب الله» اللبناني اعتقد كثير من اللبنانيين أنه ظاهرة خاصة بالطائفة الشيعية، في بلد تسود فيه الطوائف، وبالذات عندما شاهدوا الحزب يقاتل حركة أمل (الشيعية أيضاً) بعنف ووحشية لسحب صلاحية تمثيل الطائفة منها. إلا أنه تحوَّل بعد ذلك إلى أداة تخريب وهدم إيرانية، داخل لبنان وخارجها، وتصاعدت قوته الى أن أصبح هو من يحكم البلاد عبر استخدام السلاح والاغتيالات وإرهاب القيادات السياسية. وكان قد اجتاح بيروت وجبل لبنان بأسلحة ثقيلة عام 2008، عندما أقدمت الحكومة اللبنانية على الحد من جزء من امتيازاته. ولم يتوانَ عن اغتيال السياسيين وضباط الجيش والأمن منذ العام 2005 وحتى اليوم. وأعلن حسن نصر الله، أمين عام الحزب مؤخراً أن «(جهاديين) أنهوا مهماتهم في العراق وسوريا، وينتظرون الأوامر للانتقال الى ميدان جديد».
أنشأت إيران الحرس الثوري لتصدير ثورتها وأصبح قائده قاسم سليماني يشرف ويدير حوالي (45) تنظيماً مسلحاً في دول عربية يقوم بتطويق المدن ويسفك دماء أبنائها ويجوِّعهم في سبيل امتداد سلطة وهيمنة إيران. وأعلن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، خلال شهر أكتوبر الماضي أنه « لا يمكن في العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج ودول شمال أفريقيا القيام بأي خطوة مصيرية من دون موافقة «إيران».. كما أدلى نائب قائد الحرس الثوري بتصريح قال فيه: «يجب على العالم كله أن يقبل بأن القوة التي تؤدي دوراً مهماً في المنطقة هي إيران، وهو دور يمتد لكل أنحاء الشرق الأوسط، ولا يمكن إنكاره في سوريا والعراق ولبنان».
الخطر الإيراني حقيقي وقائم، فالنظام الحالي يرى أن له دوراً تاريخياً مفقوداً، وعليه استعادته (الإمبراطورية الفارسية)، ويعتقد أن الجنس الفارسي يفوق الأجناس الأخرى كفاءة وله نظرة دونية تجاه العرب. وإذا كان العالم قد تجاهل هتلر وقيادته لألمانيا مما أدى الى حوالي خمسين مليون قتيل وخسائر أخرى جسيمة، هل يمكن له أن يتجاهل الخطر الفارسي القائم مما سيعرِّض لخسائر مماثلة لما أدت به الحرب العالمية السابقة ؟. وإذا واصل العرب التقاعس عن الدفاع عن أنفسهم في وجه التوسع الفارسي، فإنهم سيتحولون الى شعوب يستعبدها الغزاة الجدد.. ليت العرب وبقية العالم يتحرك لمنع مخاطر الهتلرية الجديدة في طهران قبل فوات الأوان.
إنه خطر حقيقي فعلاً
تاريخ النشر: 05 ديسمبر 2017 01:18 KSA
وإذا كان العالم قد تجاهل هتلر وقيادته لألمانيا مما أدى الى حوالي خمسين مليون قتيل وخسائر أخرى جسيمة، هل يمكن له أن يتجاهل الخطر الفارسي القائم مما سيعرِّض لخسائر مماثلة لما أدت به الحرب العالمية السابقة؟
A A