عِندَما جَاءَت وَسَائِل التَّواصُل الاجتمَاعي؛ جَاءَت مَعهَا مَشَاكلها وإحبَاطَاتهَا، وإشَاعَاتهَا وسَلبيَّاتها، وبالتَّأكيد جَاءَت مَعها أَيضا إيجَابيَّاتهَا.. ولَن نَلوم هَذه الوَسَائِل، فهِي فِي النِّهَاية أَوعية لنَقل الأفكَار والأقوَال، والصّور والأشكَال، وإنَّما نَلوم مَن لَا يُحسن استخدَامهَا..!
دَعونَا فِي هَذا المَقَال؛ نُسلِّط الضَّوء عَلى جُملتين، لنَعرف مَدَى صِحّتهما:
يُرسل أَحدُهم مَقالا لكُلِّ المُضَافين عِنده، ويُقدِّم لَه بعِبَارةٍ تَقول: «مَقَال يَستَحقّ القِرَاءَة»، أَو يُرسل المَقَال ويُصدِّره بعِبَارة: «مَقَال أَنصَح بقِرَاءَتهِ»..!
إنَّ مَن يَكتب مِثل هَاتيْن العِبَارتين، لَديهِ خَللٌ فِكريٌ كَبير، فهو يَفترض أَنَّ هُنَاك مَقالا يَصلح للكُلِّ، لذَلك يَصفه بأنَّه «يَستَحق القِرَاءَة»، وحَتَّى تَاريخ كِتَابة هَذا المَقَال، يَستَحيل أَن تَجد مَقالا يَصلح لكُلِّ الأَذوَاق والأَعمَار، بِمَا فِيهم هَذا المَقَال..!
أَمَّا عِبَارة: «مَقال أَنصَح بقِرَاءَتهِ»، فهي تَدلُّ عَلَى قصُورٍ فِكري، لأنَّ المَقَال الذي تَنصح بقِرَاءَتهِ، يَتوَافق مَع إطَارك المَعرفي، ومُحدِّداتك الفِكريَّة، وطمُوحاتك الثَّقَافيَّة، وهَذه خَاصَّة بِك، ومِن المُستَحيل تَعميمهَا..!
إنَّ مِثل هَذه الرَّسَائِل، وأَعنِي بِهَا عِبَارتي: «مَقَال يَستَحق القِرَاءَة»، و»مَقَال أَنصَح بقِرَاءَته»- لَا تَدلُّ عَلَى الوَعي والتَّنوُّع، بَل هي تُسَاهم -بشَكلٍ أَو بآَخَر- فِي تَنميط الأفكَار، وتَعميم الرُّؤية الأُحَادية، والمَوقف المُفرد عَلَى كُلِّ الأَطيَاف الأُخرَى..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: أَيُّها النَّاس، لَا تَفهموا مِن كَلَامي هَذا أَنَّني ضِدّ الإرسَال، بَل أَنَا مَعه وأُمَارسه بشَكلٍ مُكثَّف، ولَكن أَنَا ضِدّ إعطَاء الآرَاء، أَو إسبَاغ المَديح عَلى هَذَا المَقَال أَو ذَاك، أَو مُمارسة دور الوصَاية والنُّصح مِن خِلال عِبَارة: «مَقال أَنصَح بقِرَاءَتهِ»..!
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
