لو أن مجموعة من البشر عاشت صنوفًا من التخلف الحضاري والإنساني، ثم رأى قادتها وكبراؤها أن الوقت قد حان للانتقال إلى حال أفضل تتراجع فيه درجات التخلف بصورة معقولة مقبولة.
وبافتراض أن المسؤول عن المشروع زُود بميزانية سخية، فاستدعى كل الخبراء والمختصين الذين أعدّوا عروضًا شيقة طمعًا في الفوز بالمناقصة القيمة، لا ريب أن العروض في إطارها العام ستتضمن رؤى وبرامج وأهدافًا ومشروعات يمكن تبنيها لمدة 20 أو 30 عامًا لتنتقل بعدها المجموعة إلى كيان آخر قوي ومنظم وقادر على المنافسة والصمود في وجه الكيانات الأخرى.
ولو أن قريشًا كانت المجموعة الساعية إلى قفزة عالية، فجاءها ابنها البار وأمينها الصادق وقدم لها خطة العمر لها وللأجيال من بعدها، فما كان منها إلاّ أن أعرضت وعارضت وقاومت مع أن المطلوب منها لم يكن مالًا ولا جاهًا: (وما أسألكم عليه من أجر، إن أجري إلا على الله).
ولربما لو جاءها آنذاك (خبير) من الروم أو فارس لقبلت به وأنصتت منه ورضيت بحكمه وعلمه! وذلك أمر غير بعيد، فقد كان العرب عالة على الفرس والروم يمنون عليهم بالعطايا أحيانًا، ومنحهم صفة الأتباع أحيانًا.
هكذا هي الطبيعة العربية البشرية حين تسود الجهالة أطرافها، فهي عنيدة صلبة إذا رأت مسًا بنفوذها أو مكانتها أو حتى ضلالات آبائها وأجدادها. لقد قدّم النبي الأمين محمد عليه السلام رؤية واضحة وخطة بينة لمستقبل زاهر تتربع فيه قريش على قصب السبق بين العالمين، لكنها أبت إلاّ النكوص والمواجهة واستعداء بقية عرب الجزيرة ضد الرسالة الخاتمة والرؤية الخالدة والمكانة الزاهرة.
اليوم، وفي ذكرى وعد بلفور البائس، وصدور قرار ترامب الجائر، تعود إلى أمة الإسلام مؤشرات الاتحاد على مشروع واحد، مشروع مقاومة الكيان الغاصب، ونبذ كل قرار أو دعم مباشر يقوي شوكة هذا الكيان الغاصب.
لقد وحَّد مشروع (التوحيد) الخالص المسلمين في انطلاقة الدعوة بقيادة النبي القدوة. واليوم ثمة مشروع يمكن أن يُسمى مجازًا مشروع (الوحدة)، وحدة تجمع بين مسلمي الأرض ضد مشروع اغتصاب القدس والأرض.
رسالة النبي الأعظم: رؤية واحدة ومشروع يتجدد!
تاريخ النشر: 14 ديسمبر 2017 01:19 KSA
ملح وسكر
A A