يَحثُّ الإسلَام -فِي كُلِّ تَعاليمه- عَلَى البِرِّ بالوَالدين، ويُركِّز عَلَى الأُم بشَكلٍ أَكبَر، فيُعطيهَا ثَلاثة حقُوق؛ مُقَابل حَقٍّ وَاحِد للأَب، لِذَلك دَعونَا نَتوغّل فِي هَذه الفِكرَة، لنَعرف؛ لِمَاذا أَعطَى الإسلَام كُلّ هَذه الحقُوق للأُم..؟!
إنَّ الأُم -باختِصَار- هي شَركة مِن العَطَاءَات، فهي تُعطي الحُب والحَنَان، والرِّعَايَة والتَّربية والخِدمَة.. إلَى آخر هَذه العَطَاءَات، كَمَا أَنَّها تَتحمّل بُكَاء الطِّفل وصُراخه، ومَتَاعب تَنظيفه، وكُلُّ هَذه التَّفاصيل يَتذكَّرها النَّاس، ولَكن مَا لَا يَتذكَّره مُعظمنَا، هو آلَام الولَادَة، لِذَلك دَعونَا نَقرَأ هَذه الصَّفحَة التي جَاءَت فِي تُراثِنَا:
تَقول القصّة: (جَاء رَجُلٌ وهو يَحمل أُمّه مِن خَراسَان إلَى مَكَّة المُكرَّمة، فالتَقَى بسَيّدنا عبدالله بن عمر -رَضي الله عَنه- فقَال لَه: يَا ابن عمر: حَملتُ أُمِّي عَلَى رَقبتي مِن خَرَاسَان، حَتَّى قَضيتُ بِهَا مَنَاسك الحَج، أَترَاني جَزيتهَا؟، فقَال رَضي الله عَنه: لَا! ولَا بطَلقةٍ مِن طَلقَاتِهَا عِند الولَادَة)..!
أَكثَر مِن ذَلك، دَائِمًا يُوصَف الشُّعرَاء بالرُّومَانسيَّة، والأَحَاسِيس المُرهَفَة، ومَع هَذا لَا تَجد أَحدًا يَلتَفت إلَى زَوجتهِ، ويَصف آلَامهَا أَثنَاء الولَادَة، ولَكن مُؤخَّرًا -الحَمد لله- عَثَرتُ عَلى شَاعِر، يُحَاول أَنْ يَصف مَا تُعانيه الأُم أَثنَاء الولَادَة، ويَدعو الله -مِن كُلِّ قَلبه- أَنْ يُخفِّف آلَام زَوجته التي تَلد، حَيثُ قَال الشَّاعِر «علي محمد لقمان»:
رَبِّ خَفِّف عَنهَا عَنَاء الولَادَه
واجْعَل الخَير حَظَّها والسَّعَادَهْ
وأَعطِهَا رَبِّ مِن لَدنك حَنَانًا
قَد أَلِفنَاه مِنك -يَا رَب- عَادَهْ
وتَرفَّق بِهَا، فمَا هِي إلَّا
شمعة فِي مَرَابِعي وقَّادَهْ
لَم تَزَل تَنشر الهَنَاء وتُرجَى
حَول قَلبي شعَاعه ورَشَادَه
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: هُنَاك تَصنيف عَالَمي لأَكثَر الآَلَام وَجعًا، هَذا التَّصنيف جَاء بَعد دِرَاسَاتٍ وبحُوث، وقَد صَنّفوا آلَام الولَادَة فِي المَرتبَة الأُولَى، مِن مَجموع الآلَام التي تَغشَى بَدن الإنسَان..!
اللَّهمَّ اجزِ أُمَّهَاتنا خَيرًا، وارحَمهنّ وأَكرمهنّ، كَمَا رَبّونَنَا وأَكرمنَنَا صِغَارًا..!!