في الشهرين الأخيرين نشأت في أمريكا حركة قوية ضد التحرش بالنساء أطلقوا عليها وسمًا عنوانه: (أنا أيضا) #MeToo وتزعمت الحركة إناث من مختلف التوجهات المحافظة والليبرالية والأنثوية، باعتبارها امتدادا لسيل الشكاوى والقضايا التي رُفعت ضد شخصيات مجتمعية معروفة، خاصة في عالم الفن والسينما والأدب والسياسة، وحتى الرياضة.
كانت قائمة الفضائح أكبر من أن يستوعبها أولئك الذين طالما نادوا بشعارات (تحرير) المرأة، بل واتباع الغرب حذو القذة بالقذة، طمعا في اللحاق بصفوف الدول المتقدمة طبقا لما يزعمون، فساء ما زعموا وساء ما يحكمون.
بيد أن العجيب في الأمر هو غياب شريحة كبيرة من النساء اللاتي ينتمين إلى قطاع عُرف عنه كثرة القضايا المرفوعة ضد كثير من أفراده على مدى عقود من الزمان، منها ما ظهر ومنها ما خفي، وما خفي كان أعظم.
ما خفي يتضمن حالات تحرش جنسي متعددة ضد العاملات في الخدمة العسكرية في مختلف فروع القوات المسلحة الأمريكية، وضد المجندات المؤقتات، وهن عادة شابات في عمر الزهور. وفي دراسة أجريت على 1300 عاملة سابقة في القوات المسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية تبين أن «صدمة الأذى الجنسي العسكري» هو المؤثر العقلي السلبي رقم 1 في حياة هؤلاء السيدات.
وتؤكد دراسة أخرى أن 60% من السيدات اللاتي يتركن الخدمة العسكرية خلف أظهرهن، لا يستطعن التخلص من الصدمات النفسية والعقلية الناتجة عن التحرش الجنسي بهن، والذي يصل حد الاغتصاب المتكرر، مع صمت الإدارات العسكرية وتغاضيها عن هذه الملفات المخفية.
وحتى الذكور خاصة المجندين الشباب منهم لا يسلمون من حالات التحرش الجنسي التي بلغت نسبا مرتفعة تقترب من نسب مثيلاتها ضد الإناث.
وواقع الحال قد لا يختلف كثيرا في معظم الدول الغربية «المتحررة»، فهي النفس البشرية ذاتها، وهو الشيطان نفسه يمارس فنون الإغواء والتشويق.
الشاهد أن كل تجمعات بشرية تسمح باختلاط الجنسين دون ضوابط وموانع لا يمكن أن تسلم من وقائع وحوادث التحرش الجنسي الذي قد يزول شكلاً مع ترك الضحية لهذه المواقع، لكن يبقى أثره السلبي وتدميره النفسي في عقل الضحية إلى أمد طويل.