ثلاث دول إقليمية، غير عربية، تتنافس تارة، وتتعاون تارة أخرى، في سبيل الهيمنة على الدول العربية. وهي إسرائيل وإيران وتركيا. إسرئيل ترى أنها قادرة على إدارة أمور الدول العربية بنجاح عبر المساعدة على تحديثها، ودعم الأجهزة الأمنية الداخلية لأنظمتها، وذلك بالطبع متى توقفت تلك الدول عن الحديث، الذي تراه تخريبياً، عن فلسطين وتعاونت مع تل أبيب في خلق واقع جديد لا مكان فيه لدولة فلسطينية ولا لشعب فلسطين وتكون إسرائيل هي الدولة اليهودية المعترف بها لكامل الأراضي الفلسطينية.. وفي الجانب الآخر أعلن نظام الملالي في إيران، منذ أن وصل الخميني الى السلطة، أن إيران الشيعية هي الحل للعرب الذين يراهم الملالي شعوباً متخلفة، ورفع شعار فلسطين والقدس لكسب التأييد والدعم الشعبي في أنحاء العالم العربي. وأكد النظام نيته تصدير ثورته (أي الثورة المذهبية) الى العالم العربي تمهيداً للانطلاق عبر إمبراطوريته الجديدة لنشر سلطانه إلى باقي أنحاء العالم الإسلامي.. إلا أن تركيا النظام الحالي، ترى أنها أكثر أحقية من كل من إسرائيل وإيران بالعالم العربي، فهي حفيدة الدولة العثمانية التي حكمت سابقاً الجزء الأكبر من هذه الدول العربية التي يتجاذب الهيمنة عليها كل من الكيان اليهودي والدولة الشيعية، وبالتالي فهي تسعى لنشر سلطانها وتذكير العرب بمجدها العثماني الذي كان يمثل الإسلام السني، وهو مذهب الأغلبية العظمى من السنة، وأن فلسطين قضيتها وليست لغيرها.
ووسط هذا التنافس لا نجد دوراً عربياً بل محاولات تنقصها إستراتيجية عربية واضحة يقبل بها العرب وتوحد صفوفهم.. ولذا انقسم العرب بين مقتنع بالحل الإسرائيلي، وآخر يرى أن ( الثورة) الإيرانية هي طريقه لاستعادة فلسطين والكرامة العربية المهدورة، وثالث يحلم بدولة عثمانية يكون مواطناً فيها، كما كان حال الجدود.. إلا أن الغالبية العظمى من العرب تتصرف وكأن لا شأن لها بالمطامع الإقليمية التي تهددها.
في مقابل البرنامج الإسرائيلي والمخطط الإيراني والحلم التركي، لا توجد إستراتيجية عربية فعالة.. لماذا؟.. لأن العرب وقادتهم يتصرفون بعقلية القبيلة، كما كان الحال عليه في الجاهلية. ويرى كل منهم أنه أفضل من (القبيلة) الأخرى، وأن على الآخرين أن يعلنوا الولاء له لا أن يقوم بالدخول في تكتل يصبح هو واحداً من أعمدته لا العمود الأوحد له. لذا عجز العرب عن توحيد صفوفهم، وتصفية قلوبهم.. ووجد الأجنبي، أكان إقليمياً أو دولياً، أرضاً خصبة لتفريق المفرق وتمزيق الممزق.
إيران وتركيا تبنتا قضية عزيزة على كل عربي، هي فلسطين ومنها القدس ونجحتا في جذب معجبين عرباً بهما. فإذا كان هناك بين القادة العرب من يرغب في كسب شعبية تدفع بالآخرين الى الوقوف معه، فإنه سيجد قضية فلسطين والقدس هي الشعار الذي سينجح في تحويل أي إستراتيجية توحيد وحشد للعرب إلى مخطط نجاح يقلص ويلغي مفاعيل الهيمنة الإيرانية والتركية في العالم العربي، وإن كان سيؤدي الى عداء للكيان الإسرائيلي وضربة للحلم اليهودي.
وفي كل الأحوال فإن العرب أمام خيارين: إما مواصلة القيام بأفعال هي أساساً ردود أفعال لما يتعرضون له، أو أن يأخذوا زمام المبادرة، باستعادة القضية الفلسطينية ورفع رايتها والعمل ببرنامج قوي وفعال من أجلها. وهم في الحالتين سيتعرضون لعناء شديد وإن كان توليهم المبادرة سيمكِّنهم من تحقيق إنجازات بقدر أقل من المعاناة والخسائر.
استعيدوا المبادرة من الثلاثي غير العربي
تاريخ النشر: 23 يناير 2018 01:21 KSA
ولذا انقسم العرب بين مقتنع بالحل الإسرائيلي ، وآخر يرى أن ( الثورة) الإيرانية هي طريقه لاستعادة فلسطين والكرامة العربية المهدورة ، وثالث يحلم بدولة عثمانية يكون مواطناً فيها ، كما كان حال الجدود .. إلا أن الغالبية العظمى من العرب تتصرف وكأن لا شأن لها بالمطامع الإقليمية التي تهددها
A A