هل يذكر أحد غيري، سيلفر في جزيرة الكنز، وهو يدندن:
خمسة عشر رجلاً .. ماتوا.. من أجل صندوق!!
قفز سيلفر إلى ذاكرتي حين وجدت وأنا أنقل جزءاً من مكتبتي القديمة إلى مكتبتي الجديدة - قبل أسابيع معدودة- ملفاً في صندوق صغير مهمل..!!
كنت - بصفتي محرراً ثقافياً- في إثنينية عبدالمقصود خوجة لتغطية حفل تكريم الدكتور عاصم حمدان في العام 2003، وقد كانت ليلةً لا تنسى، شهدت حضوراً مكثفاً لم أشهد له مثيلاً في ليالي الاثنينية. ولمكانة الدكتور عاصم في الوسط الثقافي، نشر التقرير الصحفي على صفحة كاملة موثقاً بصور منوعة من اللقاء. ويبدو أن التقرير لقي أصداءً جيدة، ولعل ذلك يعود لشهرة وكثرة أصدقاء المحتفى به في عالم الصحافة والثقافة والأكاديميا. لكن صديقاً من الأصدقاء لم يكن سعيداً بالتقرير، ذلك هو أستاذنا (عبد الله فراج الشريف).
نسّق منظمو الحفل مع الأستاذ الشريف ليكون ضمن المشاركين بكلمة للاحتفاء بالضيف، لكن اسمه سقط سهواً على ما يبدو. وحين أدرك الأستاذ الشريف ذلك أوعز إلى المنظمين، فقدم له مدير الجلسة الاعتذار، وأعطي فرصة لإلقاء كلمته. في تقريري الصحفي ذكرتُ أن الأستاذ عبد الله فراج الشريف حرص على المشاركة في الاحتفاء بالدكتور عاصم. لكن ذلك لم يرق للأستاذ عبد الله، الذي كتب خطاب شكوى ضد الصحفي (عادل خميس) «الذي أظهر أني أرغمتهم على المشاركة، ولم يذكر أياً من تفاصيل كلمتي». وقد نشرت الصحيفة في يوم لاحق اعتذاراً للأستاذ الشريف بالإضافة إلى كلمته التي شارك بها.
ما لم يعلمه أستاذنا الشريف، ولا غيره حتى يومنا هذا، أني أضعت الكراس الذي سجلت فيه الملاحظات الخاصة باللقاء، وقد ملأت صفحات كثيرة من ذلك الكراس. وحين كتابتي التقرير، اضطررت للاعتماد على ذاكرتي في استعادة ما حصل وما قيل في تلك الليلة
. لكني آثرت ألا أضع على لسانه كلاماً غير دقيق تفادياً لغضبه. غير أنه قدر محتوم ..
في الصندوق الصغير المهمل- الذي ظهر بعد خمسة عشر عاماً- وجدت كرّاسي المفقود الذي ضم ملاحظاتي المدونة عن ذلك اللقاء. قلبته مبتسماً، وأنا أبحث عما دونته من كلام الأستاذ الشريف.. وكان القدرُ أن يصبح الكاتب الذي يجاوره كل خميس، هنا في صفحة الرأي هذه الأيام، هو ذاته كاتب التقرير»عادل خميس»، ذلك الذي اشتكاه قبل خمسة عشر عاماً.. من أجل صندوق!!.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
