ستجرى قريباً انتخابات برلمانية في لبنان، ويتوقع البعض أن تؤدي الى أغلبية لصالح (حزب الله) عبر فوز حلفاء له وأفراد من المحورالذي يدور في فلكه. وبينما يرى بعض الساسة اللبنانيين أن اعتماد نظام انتخابي (النسبي) سيؤدي الى هذه النتيجة، إلا أن كمية المال الذي ينفقه الحزب على هذه الانتخابات والذي يصله مباشرة من الخزينة الإيرانية بطهران تساعد احتمالات فوز محوره، بالإضافة طبعاً لأسلوب التخويف والإرهاب لمن يجرؤ على اعتراض طريقه .
(حزب الله) لا يهمه المصلحة اللبنانية لأنه مجرد أداة من أدوات الهيمنة الإيرانية على الدول العربية وارتضى لنفسه ذلك. ويعرف الكثير من اللبنانيين هذا الأمر، إلا أن طهران تمكنت عبر إستراتيجية وتخطيط طويل من جعل الحزب يهيمن على مقدرات لبنان. وليس أكثر دلالة على قوته المؤثرة من التجاء الجنرال ميشال عون، الرئيس اللبناني الحالي، إليه حتى يتمكن من الوصول للرئاسة. وحين رفضت القوى السياسية اللبنانية الموافقة على اختيارعون رئيساً، بقي موقع الرئاسة خالياً لسنين أرغمت القوى اللبنانية في نهايتها على اختيار عون رئيساً مقابل الحريري رئيساً للوزراء وواصل نبيه بري رئاسة البرلمان .
الوضع الحالي ، قبل الانتخابات النيابية القادمة، هو في صالح الحزب أيضاً، إذ إن رئيس الجمهورية ، الجنرال عون ينفذ سياسة الحزب، ورئيس مجلس النواب نبيه بري يرأس حركة أمل الموالية والحليفه لحزب الله. وإن كان هناك أفراد وجماعات ترفض الهيمنة الإيرانية ، بما فيهم الحريري الذي يجد نفسه في وضع صعب يضطر فيه الى التعاون مع عون في المرحلة الحالية ، أملاً في فرصة تتيح له الخروج من المأزق الذي وقع فيه.
(حزب الله) في لبنان نموذج للمنهج الذي تعمل عليه إيران للهيمنة على العالم العربي، وهي اتبعت إستراتيجية إعلامية تقوم على رفع راية الدفاع عن فلسطين والسعى لحماية القدس، بالرغم من بعدها عن حدود فلسطين بآلاف الكيلومترات، واستخدمت أداتها في لبنان ( حزب الله ) لتأكيد ذلك بدون أن تتعرض لمواجهة مباشرة مع إسرائيل وتركت اللبنانيين يتحملون نتائج العدوان العسكري الإسرائيلي . ثم نجحت الآلة الإعلامية الإيرانية لتحويل عدوان إسرائيل على لبنان الى نصر لحزب الله، وساعد كون أمين عام الحزب، حسن نصر الله ، يمتلك قدرات خطابية وإعلامية جيدة، الى تحويله لبطل وحزبه لمقاتل لإسرائيل، وجرى تحجيم دور الجيش اللبناني ، وتجاهل الخسائر اللبنانية .
وتكشف الأحداث الأخيرة في اليمن كيف تعمل إيران على مد نفوذها في العالم العربي. فهي الى جانب استغلالها للمذهب الشيعي ورفعها راية تحرير فلسطين قامت بإرسال العديد من الخبراء والمستشارين الذين لم يهتموا بالجانب العسكري للحوثيين فحسب بل عملوا على النواحي المعنوية بشكل مكثف، وعندما حاول علي عبد الله صالح، الرئيس اليمني الراحل، أن يستعيد الحرس الجمهوري الى صفِّه بعد أن تولاهم الحوثيون وخبراء إيران منذ انقلاب صالح على الشرعية اليمنية وجد أن غسيل المخ والسخاء بالمال أدى بمعظم القيادات في الحرس الجمهوري لتحويل ولائها للحوثي وسيدهم.
حتى يتمكن الرافضون للهيمنة الإيرانية على العرب من صد طهران وقلب الطاولة السياسية عليها، فإنهم مطالبون بإستراتيجية بمراحل متعددة وأن تحتوي على شعارات جذابة، وتحقيق انتصارات آنية ودعم قضايا شعبية في أكثر من مكان ومساندة قيادات سياسية تستطيع إلهام أتباعها وتجنيدهم .. بالإضافة الى السعي على المستوى الدولى لإقناع الدول الكبرى بمخاطر التعاون والتساهل مع طهران بنظامها الحالي .. وكل هذا قائمة طويلة من الضروري القيام بها ، وبالإمكان تنفيذها .
لبنان واليمن .. نموذج إيراني للهيمنة على العرب
تاريخ النشر: 06 فبراير 2018 01:22 KSA
(حزب الله) لا يهمه المصلحة اللبنانية لأنه مجرد أداة من أدوات الهيمنة الإيرانية على الدول العربية وارتضى لنفسه ذلك. ويعرف الكثير من اللبنانيين هذا الأمر، إلا أن طهران تمكنت عبر إستراتيجية وتخطيط طويل من جعل الحزب يهيمن على مقدرات لبنان. وليس أكثر دلالة على قوته المؤثرة من التجاء الجنرال ميشال عون، الرئيس اللبناني الحالي
A A