Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. عادل خميس الزهراني

غازي القصيبي: الملهم حياً وميتاً!!

كان القصيبي ملهماً حقيقياً في زمن ضبابي القيم؛ عرف كيف يختار معاركه ومتى، مثلما عرف كيف يصافح خصومه قبل أصدقائه إن كان في ذلك نصرة للمبادئ الراسخة التي آمن بها. وكتابه (حياة في الإدارة) مثال مشرق على ذلك.

A A
خطوة جميلة تلك التي أقدم عليها وزير التعليم بجعل كتاب غازي القصيبي رحمه الله (حياة في الإدارة) معتمداً ضمن مناهج التعليم.. خطوة جميلة وذات دلالة مهمة، خصوصاً وأن البادرة تأتي من التعليم، أحد معاقل «المحافظة» التي لطالما نُدّد بالقصيبي، وشوّهت صورته، وحورب فكرُه، على كثير من منابرها ردحاً من الزمان... تأتي هذه البادرة لتثبت أن التغيير قد بدأ فعلاً.. فأهلاً به.

صحيح أن في البادرة لمسة وفاء للراحل الذي قدم لوطنه وأمته الكثير والكثير، ونذر وقته وجهده وقلمه لخدمة وطنه وفقاً لما آمن به من مبادئ وقيم إنسانية سامية، تؤمن بحتمية التغيير وضرورة النزاهة والتسامح وقبول الآخر، لكن أهميتها - في رأيي- تنبع من كونها تنطلق من إيمان بقدرة القصيبي وكتابه الملهم على التأثير في الأجيال، وبناء نموذج إنساني يقتدون به في درب النجاح والمثابرة.

كان القصيبي ملهماً حقيقياً في زمن ضبابي القيم؛ عرف كيف يختار معاركه ومتى، مثلما عرف كيف يصافح خصومه قبل أصدقائه إن كان في ذلك نصرة للمبادئ الراسخة التي آمن بها. وكتابه (حياة في الإدارة) مثال مشرق على ذلك.

مثّل الكتاب منعطفاً في مسيرتي الفكرية، وأزعم أنه فعل ذلك مع كثير غيري ممن مروا به؛ كنت في الجامعة حين سحرني بلغته الهادئة اللذيذة، ولطالما كان للغة القصيبي جاذبية تشدني إلى عوالمه دوماً، فقد كنت - ولا أزال- أشعر أن قلمه ينتمي لي.. وللعصر الذي أعيشه. غرس في الكتاب قيماً عديدة: فعن طريقه أدركتُ أن العمل والكفاح هما الطريق الوحيدة نحو تحقيق الأهداف، كما تعلمت منه كيف أحدد أهدافي وأحققها، وكيف أكون صادقاً مع نفسي في اختيار ما يناسب قدراتي من طموحات. ولست أنسى كيف جعلني الكتاب أدرك أهمية التنظيم في كل مناحي الحياة، وأهمية ترتيب أولوياتي المهنية منها والاجتماعية.

لذلك حين بدأت رحلتي المهنية مع التعليم كان القصيبي حاضراً معي على الدوام؛ أرى أثره في لغة الكتابة أحياناً، وفي أبيات الشعر التي يفيض بها الإلهام أحياناً أخرى، كما أن طريقته في إدارة الفصل في المدرسة، والقاعة في الجامعة، وفي جذب اهتمام الطلاب وترغيبهم في المعرفة، كانت ولا تزال أحد أهم الطرق المثمرة والفعالة حتى اليوم... وكنت-ولا أزال- أوصي طلابي وطالباتي بقراءة القصيبي.. وخصوصاً حياته في الإدارة...

قبل قرابة العقدين.. حين كنت أوصي طلابي بقراءة القصيبي .. كنت أفعل ذلك بهدوء.. وكتمان!! اليوم .. بعد خطوة الوزير الشجاعة، لم يعد ذلك ضرورياً. يمكن أن نصدح في طلابنا وطالباتنا: عليكم بالقصيبي.. اقرأوه.. تأثروا به.. واجعلوه قدوة لكم، ومنارة تهتدون بها في مسيرتكم نحو الخلود!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store