هُنَاك نَظريَّة تَقول: «إنَّ الرَّجُل الأَصلَع لَم يَتسَاقَط شَعر رَأسه مِن فَرَاغ، بَل إنَّ الذَّكَاء المُتّقد لَديه، جَعَلَ شَعر الرَّأس يَتطَاير بسَبَب هَذا الفِكر الوَهّاج»..!
لقَد قِيل الكَثير عَن الصّلَع، وسيُقال الأكثَر عَنه، ولَكن هُنَاك نَاصية كَتَبْتُهَا فِي «تويتر» قَبل فَترَة تَقول: «يُقال إنَّ الصَّلَع نَتيجَة طَبيعيّة لشِدّة الذَّكَاء، لَكن هَل سيَعود الأَصلَع إلَى دَائِرة الغَبَاء، فِيمَا لَو زَرع شَعره»؟.. لَن أُجيب عَن هَذَا السُّؤَال، بَل سأَتركه للمُختَّصين..!
كَاتِبنَا الكَبير «أنيس منصور» -رَحمه الله-، رَغم أنَّه لَم يَكُن أَصلَع، إلَّا أنَّه اهتَم بقَضيّة الصَّلَع، حَيثُ قَال فِي كِتَابه «لعلَّك تَضحك» صـ183: (يُقال إنَّ الصَّلَع مِن مَظَاهر الذَّكَاء، ولَا أَحَد يَعرف إنْ كَان ذَلك نَوعاً مِن المُوَاسَاة؛ للذين لَيس فِي رُؤوسهم شَعر، فالذَّكَاء عِند الصُّلع مُوزَّع بالعَدل؛ بَين العَبَاقِرَة والمَجَانين، حَتَّى أَصبَحَت القَاعدة أنَّه لَا تُوجد قَاعدة، ففِي الحَرب العَالميَّة الثَّانية، تَواجَه عَددٌ مِن الزُّعمَاء، وهُم: «هتلر وتشرشل، وروزفلت وموسيليني، وفرانكو وديجول»، وكلُّهم من الصُّلع، وبَقي «ستالين» هو الوَحيد كَثيف الشَّعر، ولكَ أنْ تَختَار أيُّهم المًجرم الحَقيقي)..!
إنَّ عَلَاقة المُبدعين بشَعر أَجسَادهم؛ عَلاقَة عَويصَة، وأعرَف كَثيراً مِن الرِّجَال، إذَا دَخل فِي مَرحلة القَلَق أَو التَّفكير، بَدَأ يُداعب شَعرات لِحيتهِ، أَو يَنتف مَا ابيضّ مِنهَا بملقَاط، فِي مُحاولةٍ مِنه للهرُوب مِن هَذا القَلَق، وقَد عَبَّر عَن هَذا القَلق، المُوسيقَار الكَبير الأَصلَع «محمد عبدالوهاب» فقَال: (الحَمد لله أنَّه لَيس فِي رَأسي شَعرَة وَاحِدَة، وإلا ظَللتُ لَيلاً ونهَاراً أُحَاول اقتلَاعهَا، فأنَا أَعتَقد أنَّ تَحت كُل شَعرة كِنزاً مِن الألحَان)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نُؤكِّد أنَّ الرِّجَال حَريصون عَلَى إخفَاء صَلعهم، ولَم يَنخدعوا بكذبةِ الذَّكَاء، التي دَاعبهم بهَا أَهل المُوَاسَاة والطَّبطبَة، لذَلك وَجدنَا الآلَاف مِن النَّاس؛ يُجْرُون عَمليَّات زرَاعة الشَّعر، ولقَد صَدق الطَّبيب النَّفسي الأَمريكي «فيل ماجواير» حِينَ قَال: (الرَّجُل يُفضِّل أنْ يَفقد ذِرَاعه أَو سَاقه، عَلَى أنْ يَفقد شَعر رَأسه)..!!