بمنطق العارف المطَّلع، تحدَّث صديقي الياباني عن الأوضاع الراهنة في المشرق العربي بعد احتلال روسيا غير المعلن لسورية بحجَّة حماية الرئيس بشَّار الأسد الذي يقاتل شعبه للبقاء متربعًا على كرسي السلطة، واستمرار إسرائيل في احتلالها كامل التراب الفلسطيني وهضبة الجولان السوريَّة إثر حرب 1967! وأفاض بحديثه عمَّا تقوم به القوَّات الإسرائيليَّة من استيلاء على ما تبقَّى للفلسطينيِّين من مدن وقرى وأراضٍ لتهويد كامل الأراضي المحتلة، ضاربة عرض الحائط بقرارات مجلس الأمن؛ وفي مقدِّمتها القرار 242 الصادر عقب حرب عام 1967 القاضي بانسحابها من الأراضي المحتلَّة، زاعمة أنَّ القرار أوصى بالانسحاب من أراضٍ محتلَّة وليس من كلِّ الأراضي المحتلَّة، مستهترة بعشرات القرارات الدوليَّة التي صدرت عن مجلس الأمن بشأن مدينة القدس التي تعتبرها بشقيَّها الغربي والشرقي عاصمة لدولتها. وكل هذا مع التغاضي من قِبَل المجتمع الدولي عن التدخُّل الإيراني السافر في سورية ولبنان، وفي اليمن مؤخَّرًا دعمًا للانفصاليِّين الحوثيِّين، لزعزعة أمن المملكة واستقرارها وغيرها من الدول العربيَّة المطلَّة على الخليج العربي. كلُّ ذلك يشكِّل تهديدًا سافرًا للسلم العالمي.
وبهدوء الياباني، أضاف بأنَّ التاريخ خير شاهد على الاحتلال الذي لا يدوم ما دام هناك من يرفضه ويُقاومه، فاليابان التي مرَّت بتجاربٍ مؤلمة بغزوها كوريا مرَّتين لضمِّهَا؛ وكان تبرير هذا الغزو كونها امتدادًا للتراب الياباني! وظلَّ ذلك الهاجس إلى أن حاقت الهزيمة بقوَّاتنا اليابانية في الحرب العالميَّة الثانية، واستسلامنا لقوَّات الحلفاء في 15 أغسطس 1945. وقد عادت كوريا إلى أهلها الأصليِّين. ومن وقائع التاريخ، فشهوة الاستيلاء على ما في يد الآخرين للتمتُّع بها دون أصحابها هي نزوة لا تدوم. فأنتم تقولون: ما يضيع حقُّ وراءه مطالب. وما من قوَّة نراها اليوم متمرِّدة إلَّا ولها يوم تتخلَّى فيه عن طغيانها طواعية أو جبرًا.
وقد أنهى حديثه بقوله: إنَّه يرى المملكة تسير بخطوات متَّزنة ومدروسة من أجل نزع فتيل اشتعال حرب تتراءى قادمة في المنطقة. واستشهد بالزيارات التي قام بها خادم الحرمين الملك سلمان -يحفظه الله- للعديد من دول العالم ومن بينها اليابان. ثمَّ الزيارة التي قام بها مؤخَّرًا إلى بريطانيا وليُّ عهده ووزير دفاعه صاحب السموِّ الملكي الأمير محمَّد بن سلمان. وما لقيه فيها من ترحيب، ومن توافق في وجهات النظر في العديد من الأمور التي تهدد الأمن والاستقرار العالميَّين. والآن الزيارة التي قام بها سموّه إلى الولايات المتَّحدة، وجولته في العديد من ولاياتها، لكسب تأييد الرأي العام للقضايا التي من شأن الاتفاق حولها، نزع فتيل الأزمات في المشرق العربي، وتوفير الأمن والأمان لشعوبه.
اختتم الصديق حديثه بقولٍ مأثور: «تفاءلوا بالخير تجدوه».