يظل التنظير صاحب الموقف في التعليم فهناك شريحة في التعليم اعتادت على ضرب الأمثال والمطالبة بأمور لم يطبقها أو ينفذها أو يتماشى مع ما ذكره أو أوصى به.. فأغلب الحوارات التعليمية مجرد كلام أجوف «تنظير» وتعبير إنشائي وثقافة ضحلة تُطرح ويطالب بها المشرف أو من على شاكلته في ثنايا الحوار مع أي معلم وهم بعيدون عن الواقع والتطبيق، فإذا تحدث المعلم بحجة ومنطق انبرى ذلك المشرف ليقول هذا مجرد «تنظير».. فكلمة التنظير عندنا كلمة فضفاضة لها مفعول سحري حجتها تكاد تكون دامغة.
فهؤلاء الطفيليون يقتاتون على جهد المعلم ليمتصوا جهده وثمرة خبرته وينسبوها لأنفسهم غير مبالين وينقلوها لذلك المعلم الكسول الذي لا يريد أن يدور مع عجلة التغيير، ينتظر المشرف بل المنظّر ليستعرض أمامه نجاحات مزعومة؛ وكيف انه كان المعلم المغوار الذي أبلى بلاء حسناً في ميدان التعليم.. تلك الفئة من المشرفين أو المنظرين والهاربين من عبء التدريس يقتاتون على سجل التحضر ويتحملقون حول تعلّم نشط بالكاد يعرفون أساسياته وحيثياته.
كيف لتلك الفئة أن تظل في التعليم!!؟ وتنقل سمومها وخيباتها للمعلم يحملون في حقيبتهم السوداء أفكار ونجاحات معلم مجتهد سعى وبذل وبحث حثيثاً عن المعلومة ليقدمها لطلابه في أبسط صورة، فأخذوها عنوة وبلا مقابل لتُنسب لأنفسهم ولنجاحاتهم المزعومة في مضمار التعليم.
ألا يستحيي هؤلاء الذين نعرف جيداً سجل إنجازاتهم غير الحافل سوى من سجل التحضير المزين بالورود والذي يخلو من رائحته!!
هؤلاء الذين أتى بهم الفساد الاداري ليدوروا على الكراسي التي هي أكبر منهم حجماً ومضمونًا، يديرونها بعقولهم الصدئة ويبثون اصفرارهم في التعليم ليظهر تعليمنا بثوب مُصفر عكر لا يسر الناظرين.