Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

الغباء الاجتماعي

يبدو لـي أن غياب المرونة الاجتماعية الـمطلوبة أمرٌ مُكتسب، فسلوكيات الإنسان وتصرفاته تخضع في مُـجمَلها لعوامل بيئيةٍ تربويةٍ تعليميةٍ ثقافية، يكتسبُـها من مُحيطه وأقرانه وعاداتـهم وقِيمهم الاجتماعية السائدة، وهو أسيـرُ الجماعة التي ينتمي إليها، ويتأثر بالإيحاءات الثقافية التـي يتربـّى عليها، وينصاع في الأغلب لتوجّه العقل الـجمعي

A A
الإنسان الغبي اجتماعياً يفتقر إلى المنطق السليم في التعامل مع الأحداث الـمُختلفة والمواقف المُتنوعة، وغيره من الأشخاص بمختلف مرجعيّاتهم وفئاتهم، ولا يمتلك اللّباقة المطلوبة خلال تواصله الاجتماعي، وهو مُصاب بخللٍ في ردود الأفعال الطبيعية المقبولة اجتماعياً ومنطقياً.

وفي أوقات كثيـرة، لا يُمكنني التفريق بيـن الغباء الاجتماعي الناتج عن تخلّف التعليم ورداءة التثقيف وقلّة الوعي، وبين الوقاحة والسفاهة وقلة الأدب الناتجة عن سوء التربية واضطراب الأخلاق الشخصية والسلوك الإنساني !. فمن واقع التجارب والمُلاحظات، ليس ضرورياً ارتباط الغباء الاجتماعي بانخفاض مستوى التعليم وقلّة الشهادات العلمية، فعدد من أصحاب الشهادات الـمُتخصصة والتعليم العالي لا يمتلكون الفِطنة والكياسة والذكاء السّلوكي للتعامل السّوي الـمُوقّر مع غيرهم في مواقف مُتباينة وحالاتٍ مُختلفة، وهو ما يؤثر سلْباً على قَبولـهم في مُحيطهم الـمهني ومدى نجاحهم الاجتماعي، في حيـن ترى عدداً من المُتواضعين دراسياً وعلمياً، يتمتعون بلباقة مشهودٍ لها، وقبولٍ اجتماعيّ جيد نظيـر إتقانهم مهارات التعامل وفنون التواصل السليم مع الآخرين، بحسْب ما يقتضيه الـموقف والظرف.

وبعكس الذكاء الاجتماعي، يتميّز صاحب الغباء الاجتماعي بقلّة تعاطفه مع الآخرين، وبَـلادة تفاعله مع مُشكلاتهم ومشاعرهم، وصعوبة تقبّله النقد وتأقلمه الفعّال مع مُحيطه، وعدم تحكّمه في انفعالاته وإيـماءاته ونبـرة صوته ولغة جسده وبدنه، وتسرّعه في الـحُكم على الناس من خلال مَظاهرهم، وتخلّيه عن سلوكيات التهذيب وأدب الإنصات، وعدم احتـرامه للاختلاف وآراء الآخرين فضلاً عن تقبّلها، إضافة إلـى تضخّم حجم «الأنا» لديه، واستمرائه الجِدال والتعصّب الـمَقيت، وغياب حسه الأدبـي وانخفاض مستوى ذوقه العام، وبخاصة خلال تعاملاته مع الـمرأة.

يبدو لـي أن غياب المرونة الاجتماعية الـمطلوبة أمرٌ مُكتسب، فسلوكيات الإنسان وتصرفاته تخضع في مُـجمَلها لعوامل بيئيةٍ تربويةٍ تعليميةٍ ثقافية، يكتسبُـها من مُحيطه وأقرانه وعاداتـهم وقِيمهم الاجتماعية السائدة، وهو أسيـرُ الجماعة التي ينتمي إليها، ويتأثر بالإيحاءات الثقافية التـي يتربـّى عليها، وينصاع في الأغلب لتوجّه العقل الـجمعي، مما يضع مسؤوليةً كبيـرةً على دُور التـربية والتعليم، والإعلام بقنواته الـمتعددة، لتنمية مشاعر الفرد وضبط سلوكياته، وتكريس الذكاء العاطفي لديه، بُغية تواصله بشكلٍ أفضل مع الأفراد والمجموعات، وعلاجه من فقر الأدب العام واضطراب الشخصية الغبية اجتماعياً.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store