نحن في زمنٍ؛ التعالم فيه أكثر من العِلم، فمسألة حجاب المرأة، سنقرأ فيها أكداساً من الورق، لا تمتُّ للعِلم بصلة، وغَالباً دافِعُ كُتَّابها إمَّا الهوى، أو الرغبة في الشهرة، فنقرأ لمن يزعم أن الحجاب لم يشرع إلا لنساء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وكأنه لم يقرأ في كتاب الله: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)، وكأنه لم يقرأ قوله تعالى: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)، فقد أوجب الله الحجاب، وهو ستر جميع بدن المرأة ما عدا الوجه والكفين عند جمهور علماء الأمة، وقد يوجب بعضهم على الجميلة، الملفت جمالها للنظر، أن تغطي وجهها، ولكن جمهور العلماء لا يُوجبون هذا، وقد عدَّد العلماء بناءً على نصوصٍ شرعية ثابتة أوصافاً للباس المرأة المعتبر في الحجاب، أول ذلك أن يستوعب لباسها جميع بدنها، إلا ما استثنى من الوجه واليدين، وعند البعض ظاهر القدمين، وألا يكون هذا اللباس زينة في نفسه، لئلا يكون ثوب شُهرة مُلفتاً للنظر، وأن يكون صفيقاً لا يشف عمَّا تحته، لورود النهي عن ذلك، وذم الكاسيات العاريات، وما أكثرهن في زماننا، وألا يكون ضيقاً يُحدّد كل عضو وكأنه يصفه للرائي، وألا تمس الطيّب إذا خرجت إلى الأسواق، واختلطت بالرجال، ولا تبخر لباسها للنهي الثابت عن ذلك، وألا يُشبه لباسها لباس الرجال، فتكون متشبّهة بهم، فقد لُعِنَت المترجّلات المتشبّهات بالرجال، ولا ينصرف الحديث إلى غطاء الوجه، ففيهِ الاختلاف، والجمهور لا يرى تغطيته، فالقول أن الله إنما أوجب الحجاب على نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وحدهن ليس فيه رائحة العِلم، إلا إن كان القائل له قد تشبَّع بفكرة أن الحجاب فقط هو غطاء الوجه، والأدلة على أن النساء في العهود المفضَّلة لم يكن يغطين وجوههن، لا حصر لها، وغطاء الوجه قد يجعل المرأة تتعثَّر في مشيتها ولا حاجة إليه، ونحن نرى أن التشدد في هذا هو ما أبعد النساء عن قبول الامتثال لأمر الله في الحجاب الشرعي، الذي يحفظ للمرأة كرامتها، فتحلَّلت كثيرات مِن الالتزام بأمر الله في ذلك، ولبسن كما تلبس الأوربيات، وكشفن عن زينتهن الباطنة، فعرّين الظهر والصدر، وبعضهن الفخذ، ولبسن الشفَّاف والضيّق، وفُتِنَ الرجال بهن، وكثرت بذلك المعاصي المُوجِبَة لعذاب الله، فالحجاب فرض في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ثابت، لا ينفيه عاقل.
حجاب المرأة المسلمة بين العلم والتعالم
تاريخ النشر: 19 أبريل 2018 01:26 KSA
فقد أوجب الله الحجاب، وهو ستر جميع بدن المرأة ما عدا الوجه والكفين عند جمهور علماء الأمة، وقد يوجب بعضهم على الجميلة، الملفت جمالها للنظر، أن تغطي وجهها، ولكن جمهور العلماء لا يُوجبون هذا
A A