ما عانته دول العالم من مآسي الحروب، أدى إلى استنزاف ثروات، وتدمير بُنَى، وفقدان لأرواح الملايين من البشر، بدايةً من الحرب العالميَّة الأولى التي شاركت فيها جيوش معظم دول العالم بالترغيب وبالترهيب، بما يقارب السبعين مليون مقاتل، قُتل منهم نحو تسعة ملايين، وجُرح وأُعيق أضعافهم، ومن بعد الحرب العالمية الثانية التي دفعت إلى ميادين القتال الملايين من الجنود؛ قُتل منهم أكثر من 60 مليونًا، كانوا في ذلك الوقت أكثر من 2.5% من إجمالي تعداد السكَّان العالمي، ناهيك عن ملايين الجرحى والمعاقين.. ومخلِّفة تدمير البنى التحتيَّة لدول البلدان المشاركة في الحرب، وقد كان للعالم العربي نصيب مؤلم منها، حيث كان في الأولى تحت المظلَّة العثمانيَّة، وفي الثانية كانت معظم البلدان العربيَّة تحت الاستعمار والانتداب البريطاني أو الفرنسي أو الإيطالي، ممَّا تسبَّب في فقد زهرة شباب الأمة العربية في جبهات قتال لا ناقة لهم فيها ولا جمل، وتركت العرب في فقرٍ ومجاعة ونقص في التموينات الضرورية للبقاء على قيد الحياة.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، نشطت هجرة اليهود إلى فلسطين من كلِّ أصقاع العالم بتسهيلات من بريطانيا التي انتدبت على فلسطين، وبتمويل سخيٍّ من رجال المال والأعمال الصهاينة الذين كانوا ولا يزالون يتحكَّمون بثروات العالم، فكانت حروبًا غير متكافئة بين العرب واليهود في سنوات 1948، 1956، 1967، 1973، كانت في محصِّلتها فقداننا لمئات الألوف من أهلنا وأشقَّائنا العرب، واحتلالًا إسرائيليًّا لكامل التراب الفلسطيني وهضبة الجولان السوريَّة ومزارع شبعا اللبنانيَّة، وما هي إلَّا سنوات قليلة حتَّى تحرَّك ملالي إيران طمعاً في دول المنطقة لمحاولة تسوير العالم العربي بحزام صفويٍّ يضمُّ العراق وسورية ولبنان واليمن وليبيا، فتسبَّبت في فوضى وخسارة في الأموال والأرواح في تلك البلدان العربيَّة، أدَّى إلى مقتل وجرح الآلاف من السكَّان وهجرة الملايين، وهدر للثروات، وكل ذلك تهديد أمن المنطقة عموماً، والمملكة العربية السعودية خصوصاً، في محاولة خبيثة من الصفويِّين للسيطرة على مُقدَّسات المسلمين، ومحاولة إعاقة وقوف المملكة إلى جانب الشعوب العربيَّة والإسلامية في قضاياهم المصيريَّة، وأُوّلها قضيَّة الشعب الفلسطيني بعد أن استولى الصهاينة على ترابه الوطني، وشرَّد أهله في أرجاء العالم.. ولكن ستبقى مملكتنا الأبيَّة بحمد الله صامدة في وجه الغزاة وأعوانهم؛ ومن خلفهم من دولٍ طامعة في السيطرة والاستيلاء على مقدَّرات شعوب العالم، وقد جاء توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان يحفظه الله لوليِّ عهده صاحب السموِّ الملكي الأمير محمَّد بن سلمان القيام بجولة شملت كلاً من مصر وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكيَّة وفرنسا وإسبانيا لإرساء بناء مصالح مشتركة من شأنها المساهمة الفعَّالة في تحقيق أهداف خطَّة 2030 لتجديد بناء الدولة، بما يُمكِّنها من الدفاع عن أرضها، والوقوف في وجه الطامعين والغزاة وأعوانهم.