أكد مختصون أن العمل التطوعي والخيري يصطدم بعدد من المشكلات أبرزها العشوائية، والهدر المالي، وغياب الحوار بين الجهات المعنية، والتوسع في البرامج دون وجود خطط واضحة؛ الأمر الذي يؤدي إلى تشتيت العمل التطوعي، وتكراره. وأوضح المختصون أن تكرار البرامج المقدمة من الجمعيات والمؤسسات التطوعية والخيرية؛ يعد علامة واضحة على العشوائية، التي تسبب هدرًا ماليًا، في ظل الاجتهادات الشخصية، التي تبتعد عن العمل المؤسسي، المنظم.
«المدينة» جمعت عددًا من المهتمين بهذا المجال، والعاملين في حقل المبادرات والأعمال التطوعية بمكة المكرمة، في ندوة بعنوان: «العمل التطوعي بمكة.. الواقع والمستقبل»، لمناقشة المنظور الشرعي للعمل التطوعي، ومدى حاجة المجتمع إليه، وآليات التخلص من العشوائية وآثارها السلبية على المشروعات التطوعية، وأهم وسائل وقف الهدر المالي في هذا المجال، وغيرها من المحاور المهمة.
بازيد: المنظور الشرعي يشجع العمل التطوعي
في البداية تحدث المهندس محمد بازيد، المدير التنفيذي لجمعية مراكز الأحياء بمكة المكرمة، موضحا أن الشرع يشجع المسلمين على العمل التطوعي، سواء في العبادات أو الصدقات أو مساعدة الآخرين، وهو ما يمكن ملاحظته من سيرة الأنبياء عليهم السلام، كنماذج للأعمال التطوعية، باعتبارهم أسوة حسنة لكل من يعبد الله؛ الأمر الذي يؤكد ضرورة أن يبذل الإنسان ما يستطيع من عمل بقدر امكاناته، وأن يوظف طاقاته في خدمة المجتمع.
وأشار إلى مراكز الأحياء والجمعيات والمؤسسات الخيرية والتطوعية، تمثل أرضًا خصبة للتطوع، وتعمل بشكل منظم وفق آلية تجعل هذا المجال متنوعًا على مستوى الجماعات والأفراد.
وألقى بازيد الضوء على مشكلة وصفها بأنها «غياب هوية الفرق التطوعية»، مطالبا بكيان موحد لكل الفرق التطوعية، على اعتبار أن هذا الكيان بات ضرورة ملحة، حتى يتم القضاء على التكرار والعشوائية.
برقاوي: وحدة للعمل التطوعي وقاعدة بيانات مع الجهات المعنية
بدوره أكد الدكتور خالد برقاوي، عميد كلية خدمة المجتمع والتعليم المستمر، بجامعة أم القرى، وجود توجيه من مدير الجامعة، بإنشاء وحدة للعمل التطوعي، تحتضن كل من يرغب في الانضمام من الطلاب والطالبات وأعضاء هيئة التدريس والإداريين وفئات المجتمع المكي، لافتا إلى أنه تم إنشاء قاعدة بيانات مع القطاعات الحكومية والأهلية العاملة في مجال الأعمال التطوعية كجزء من دور الجامعة في خدمة المجتمع.
ولفت إلى وجود نقلة كبيرة فيما يخص جانب الأعمال التطوعية بالجامعات، مشيرا إلى اهتمام «أم القرى»، بهذا الجانب، عبر كرسي الدكتور محمد عبده يماني للتطوع، وكرسي جمعية البر للأعمال الخيرية، التي تعنى بالبحث والاستشارات العلمية والتدريبية، بما يخدم الأعمال التطوعية والخيرية.
وأشار إلى أن الرؤية التي تبنتها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في الأعمال التطوعية والخيرية، التي تتوافق مع رؤية 3020 يتم تطبيق الكثير منها، لافتا إلى أن كرسي الدكتور محمد عبده يماني، كانت لديه اسهامات بالشراكة مع شركة «دلة البركة»، التي تم إنشاء مركز خاص بالتطوع فيها، وهناك مواد عن التطوع في تنظيم المجتمع تعنى به.
قدير: العمل التطوعي بحاجة للتقنين وتحديد البرامج
من جانبه أكد زياد قدير، مشرف برنامج بادر للخدمة التطوعية، ورئيس قسم النشاط الكشفي بتعليم منطقة مكة المكرمة أن العمل التطوعي يجب أن يكون مقننًا، وله أهداف وبرامج محددة، مع إشراك فئات المجتمع فيه، وخاصة أولياء أمور الطلاب المتطوعين، من أجل الاتفاق على الأهداف والخطط المنفذة.
وعرض قدير تجربة المركز الذي تم إنشاؤه قبل عامين، للعناية بخدمة الزوار والمعتمرين في الحرم المكي، بالتعاون مع قوة أمن المسجد الحرام، مشيرا إلى أن عدد المشاركين في وقت الإنشاء كان 150 كشافًا من مرحلتي التعليم المتوسطة والثانوية، بينما تم توسعة المشروع ومشاركة بعض الجهات الخيرية بعد ذلك، عبر إفطار الصائمين، كما تم الاستعانة بالفريق التطوعي للمشروع في تنظيم السفر بالإضافة إلى المشاركة بعدد 200 كشاف داخل المسجد الحرام لتنظيم المشايات، والمشاركة في مستشفى أجياد ومراكز الطوارئ داخل المسجد الحرام وسقيا الطائفين وتنظيم الوجبات خارج المسجد الحرام، وارتفع بالتالي عدد المتطوعين إلى 1750 فردًا من جميع مراحل التعليم.
العطا: الخطط الإستراتيجية تحسن الجودة
وأوضح عاطف العطا مساعد مدير العام للخدمات الصحية والمسؤولية الاجتماعية، بجمعية «زمزم» التطوعية بمنطقة مكة المكرمة أن الخطة الإستراتيجية تساهم في تعزيز، وتحسين جودة الأداء بالنشاط التطوعي، مشيرا إلى أن العمل الخيري بات مطلبا لابد من العمل به في جميع الجمعيات، وإيجاد معايير واضحة وممنهجة له، بالإضافة إلى إقامة شراكات تساهم في استدامة العمل التطوعي. وأوضح أن الجمعية تعمل على استقطاب ممارسين، وإنشاء لوائح متكاملة للعمل، وتطبيقها على أرض الواقع، بالإضافة إلى مشروع تأهيل مديري التطوع، في الجمعيات الخيرية، الذي يختص بالتأهيل وآخر للمنصة الالكترونية، لكن أبرز المعوقات التي تواجه تنفيذ البرامج التطوعي هو اعتذار بعض المتطوعين قبل البرنامج بفترة بسيطة، وليست كافية لإعداد متطوعين آخرين بالإضافة إلى ايقاف الهدر المالي وتجويد العمل والتنقل للاحترافية بدلاً من الاجتهادات الفردية. وأشار العطا إلى أن تنظيم التطوع بات مطلبا مهما لاستثمار طاقات المتطوعين والاستفادة من مساهماتهم في تحقيق أهداف الجمعية، بما يعود على المتطوع والمجتمع بالنفع والفائدة، عبر نشر ثقافة العمل الخيري وتصميم واتاحة ونشر الفرص التطوعية وتسكين المتطوع على الفرصة التطوعية المناسبة وتدريبه وتقديم الدعم له وتقييمه وتقديره أيضًا.
اللحياني: 7 توصيات تحقق أهداف العمل الخيري
في غضون ذلك قال معتوق اللحياني، نائب مدير مركز التنمية الاجتماعية بمكة المكرمة: إن اللجنة سبق أن عقدت الملتقى الثاني للعمل الخيري والشراكة التنموية بمكة المكرمة، تحت إشراف فرع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالعاصمة المقدسة، بمشاركة عدد من منسوبي الجهات الخيرية، وحضور نخبة من الخبراء والباحثين والمختصين، موضحا أن الملتقى أفضى إلى 4 أهداف أساسية لتعزيز العمل الخيري والتطوعي هي: تعزيزِ القناعة بأهمية العمل الخيري في بناء المجتمع، وفتحِ آفاقٍ لشراكات تنموية جديدة، وإبرازِ أثرِ الجهات الأهلية في التنمية المجتمعية بمجالاتها المتنوعة، وتقديمِ مبادراتٍ نوعية في التنمية المجتمعية.
وأشار اللحياني إلى أن الملتقى خلص إلى 7 توصيات تنظم العمل الخيري والتطوعي وتساهم في الارتقاء بهذا القطاع الحيوي الذي يحتاج إلى مزيد من الجهد في ظل حاجة المجتمع لمثل هذه المبادرات، وهي:
• إعداد معجم شرعي لتأصيل وتحرير مفاهيم ومصطلحات العمل الخيري والتنموي
• تقنين مصفوفة علمية تؤطر لخارطة بحثية استشرافية في مجال العمل الخيري والتطوعي والشراكة التنموية
• تأسيس لجان تنسيقية بين قطاعات التنمية المجتمعية لتفعيل المبادرات التنموية التي توصل إليها الملتقى
• إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية موحدة ومحدثة باستمرار تستهدف:
• تبادل المعلومات الخاصة بمجالات العمل الخيري والشراكات التنموية
• تيسير التنسيق والتكامل بين المعنيين في هذا المجال
• سن نظام تشريعي يتيح الدعم المالي المستمر للجمعيات الأهلية* استمرار عقد الملتقيات ذات العلاقة بالعمل الخيري* قياس أثر مخرجات العمل التطوعي ورصد احتياجاته
مبادرة للحوار الخيري
ودعا اللحياني إلى إطلاق مبادرة حضارية للحوار بين الجهات الخيرية والجهات الحكومية والجهات المانحة والمستفيدين؛ لتحقيق شراكة فاعلة ومؤثرة في دعم مسيرة القطاع، وتكوين فريق عمل من منسوبي الجهات المشاركة لصياغة وتفعيل هذه المبادرة، عبر لجنة تنسيقية للجهات الخيرية، ولجان تنسيقية فرعية بكل محافظة، والرفع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بمقترح تصميم نظام للربط الإلكتروني بين جمعيات ولجان المنطقة لتحقيق التواصل والتعاون والتنسيق بين الجمعيات واللجان ذات التخصصات المتشابهة.
الغامدي: العمل الخيري من مقاصد الشريعة والضرورات الـ5
أوضح الشيخ سعيد الغامدي المشرف العام على مشروع تعظيم البلد الحرام أن العمل التطوعي من مقاصد الشريعة والضرورات الـ5، مشيرا إلى أن الشرع يلزم بالعمل التطوعي، قبل الزامه بعقود وعهود أخرى. ولفت إلى أن حكم العمل التطوعي في الشرع، انتقل من مستحب إلى واجب إلى فرض كفاية أو فرض عين، مبينا أن مشروع تعظيم البلد الحرام لديه برنامج «مبادرون» للمتطوعين والمتطوعات، كما نظم ملتقى «روح التطوع» النسائي الخامس، الذي شهد تنفيذ 19 مبادرة تطوعية بمشاركة 10 فرق، تضم 318 متطوعة، بالتعاون مع 54 جهة حكومية وأهلية، واستفاد من الملتقى 98858 سيدة، بالإضافة لتنظيم ملتقى «مبادرون» التطوعي الرابع الذي نُفذت فيه 22 مبادرة تطوعية بمكة المكرمة، بمشاركة 374 متطوعا بساعات بلغت 5429 ساعة، وعدد مستفيدين تجاوز 54649 شخصًا، عبر 8 مبادرات. وشدد على أنه تم تنظيم مسابقات المبادرات التطوعية بالمدارس تحت شعار: «أحب مكة»، التي يبلغ عددها 3 مبادرات في خدمة المسجد الحرام، وشاركت فيه 47 مدرسة نفذها 470 متطوعا بساعات بلغت 2350 ساعة تطوعية ووصل عدد المستفيدين 15275 ألف مستفيد.
مختصون: العمل التطوعي يصطدم بالعشوائية والهدر المالي وغياب الحوار
تاريخ النشر: 19 مايو 2018 03:36 KSA
خلال ندوة نظمتها المدينة
A A