يُقال إن أعرابيًا سأل معاوية بن أبي سفيان: كيف حكمت الشام أربعين سنة ولم تحدث فتنة والدنيا تغلي؟، فقال: «إنّي لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، كانوا إذا مدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها».
***
هذه المقولة تُمثل قاعدة سياسية هامة في تعامل الحاكم مع المحكومين، تعكس ما يُسمى اليوم بالواقعية أو البراغماتية السياسية. فقد عُرف معاوية بن أبي سفيان بالدهاء وحسن السياسة، وقد اشتُهر مصطلح (شعرة معاوية) بين العرب للتعبير عن ذلك.
***
وإذا كان هناك رئيس عربي في تاريخنا الحديث أقرب إلى هذا النهج فهو الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة.. فقد أُطلق اسم «البورقيبية» على تكتيكه المستخدم وعقيدته، إذ دعا الفلسطينيين إلى عدم التمسك بالعاطفة، وقبول قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1947، فيما أطلق عليه «سياسة المراحل»، وذلك في خطابٍ ألقاه في أريحا في مارس عام 1963.
***
وجوبه اقتراح بورقيبة قبول قرار التقسيم من جهة، وعدم إيمانه بمسألة «الأمة العربية الواحدة»، بهجوم شرس في العالم العربي آنذاك. فرغم إيمانه بأن الوحدة مطلب شعبي وحق للعرب، لكنهم غير جديرين بالوحدة لأنهم «غير قادرين على إنجاز أي عمل»، فالوحدة العربية مجرد فرضية لا تقوم على واقع ملموس.
***
اللافت للنظر أن بورقيبة، بعد ثورة يناير 2011 أصبح الحاضر الغائب في العقل التونسي.. فهل بعد أن أعادت الحكومة التونسية تمثاله بعد مرور 29 عامًا على إزالته إلى الشارع الرئيسي بالعاصمة يُعيد التونسيون سياسته؟!
#نافذة: «سأفرض حرية المرأة وحقوقها بقوة القانون.. لن أنتظر ديمقراطية شعب من المنخدعين بالثقافة الذكورية باسم الدين».
الحبيب بورقيبة