الخيانة أبشع فعل قد يقدم عليه إنسان، فقوامها رزمة من الصفات الرذيلة التي تعززها وتسد متطلباتها.. ينطلق الخائن بالضرورة من النفاق والكذب والأنانية، ومن الجبن والطمع، ومن الانتهازية والخداع.. وينحدر الخائن إلى أدنى درجات الحقارة حين يبيع وطنه، فهنا تتراجع كل المبررات والتفسيرات ولا يبقى سوى شخص مجرد من إنسانيته لا يستحق سوى الازدراء.. خيانة الوطن هي العار نفسه، وقد جُبِلَ الإنسان السوي على حب الوطن، وعلى الدفاع عنه والحفاظ عليه، وما يحيد عن هذه الجبلة الطيبة إلا منحرف شاذ.
بين الانسان ووطنه صلة وثيقة ورابطة عميقة، حفنة من ترابه تربو على كنوز الأرض، نسمة من عبيره أثقل من جبال الذهب، وطنه هو بيته وأهله وعرضه، هو تاريخه وتراثه، هويته وماهيته.. بين الإنسان ووطنه رابطة عميقة، حبل سري لا ينقطع.. من أجل سلامته يقف الجنود محاربين وهم يضحّون بأرواحهم فداء له، ثم يأتيك من يفرط بسهولة في أمانته من أجل شعارات زائفة وحفنة بائسة من المال، جندي يصر على أن يذهب كل شيء ويبقى الوطن، وخائن يضحي بوطن وهو يلهث خلف شيء من شيء.
حين أعلن خبر توقيف «خلية السبعة» المتهمة بالتواصل المشبوه مع جهات خارجية، كان جهاز أمن الدولة قد رصد الأدلة والإثباتات على عمل أفرادها المنظم مع عناصر معادية للدولة في الخارج لنشر الفتن والانقسام الداخلي بهدف النيل من أمن واستقرار المملكة وتفتيت لحمتها الداخلية. لم يفرق القانون بين رجل وامرأة، فجرائم التخابر والاستعداء هي خيانة للوطن لا تغتفر، وقد تصدت الدولة حفظها الله لهذا الإفساد الخطير، ولسوف تضرب بذات اليد الحديدية وتطيح بكل متآمر خؤون.
في مواجهة الخيانة، لا يبقى هناك التباس مع حرية التعبير أو مع المعارضة السياسية، فاتفاق المواطنة يفتح المساحة للرأي والتشكي والمطالبة، لكن الإضرار بالدولة من خلال أعمال تجسسية تخدم مصالح دولة أجنبية فتلك حتماً خيانة عظمى.. نحن أمام قضية تجاوزت جميع الخطوط الحمراء، فهي تتعلق بأمن الدولة وتهدد استقرارها
.
إن حيلة المنظمات الحقوقية التي كانت أداة فاعلة في أحداث ثورات الخراب العربي هي استقطاب الشباب الساذج ليصبح الواحد منهم فريسة يسهل استغلالها لتمرير أجندات خفية مآربها خبيثة. يندفع هؤلاء الشباب بحماس طائش ليتصوروا أنهم أبطال متمثلين بتشي جيفارا، فيستوحشوا في الخارج منتقدين بلادهم في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، ومسيئين لها بهدف إحراج حكومتهم، وهم مستقوون بدعم دول معادية لها.
تنفث المنظمات الحقوقية المشبوهة سمومها في شباب مقبل على الحياة وتستخدمهم كأدوات لتنفيذ أجندتها التخريبية وتحقيق مخططاتها الهدامة، كما فعلت في دوامات الخريف العربي. للخائن عقابه المستحق، خاصة أن مستوى الوعي للمواطنين قد ارتفع كثيراً ولم تعد تنطلي على أكثر الشباب تلك الشعارات الرنانة، وقد شهدوا بأعينهم ما حلّ بالبلاد المجاورة التي أريقت فيها الدماء وتشتت أهلها ونهبت ثرواتها. أصبح لدينا مناعة ضد كل استقطاب مغرض يهددنا، فشباب الوطن مقبل على الحياة، سائر بخطى واثقة نحو طموحاته المستقبلية بأمل وثبات، ملتف بإخلاص حول قيادة ملكه سلمان الحزم حفظه الله، ويتبعه بعزيمة في تحقيق رؤية السعودية الجديدة.
أثار إعلان القبض على الخلية الخائنة غضب الشعب السعودي، فأعلن بدوره نبذه لهؤلاء الشرذمة الفاسدة. إن وعي المواطن السعودي بمعنى مواطنته وبقيمة بلاده يجعله يقف بصلابة في وجه أي محاولة، ولو طفيفة، للمساس بالمملكة، فهي الوطن الأجمل والأفضل والأكمل. لذلك نطرح مع بدر شاكر السياب سؤاله الاستنكاري:
أيخون إنسان بلاده؟
إني لأعجب كيف يمكن أن يخون الخائنون!
إن خان معنى أن يكون، فكيف يمكن أن يكون؟
لا حياد في أمن الوطن
تاريخ النشر: 24 مايو 2018 01:28 KSA
في مواجهة الخيانة، لا يبقى هناك التباس مع حرية التعبير أو مع المعارضة السياسية، فاتفاق المواطنة يفتح المساحة للرأي والتشكي والمطالبة، لكن الإضرار بالدولة من خلال أعمال تجسسية تخدم مصالح دولة أجنبية فتلك حتماً خيانة عظمى.. نحن أمام قضية تجاوزت جميع الخطوط الحمراء، فهي تتعلق بأمن الدولة وتهدد استقرارها.
A A