قضية التحرش من القضايا المهمة في مجتمعنا، خصوصاً ونحن نعيش فترة ذهبية وطفرة نوعية في تحسين وتطوير العديد من الأنظمة والقوانين وفق منهج الوسطية والاعتدال، الذي ساهم في حدوث العديد من التغييرات الإيجابية والمهمة، وفي مقدمتها قرب موعد السماح للسيدات بقيادة السيارة، والذي سيبدأ بعد حوالي أقل من شهر من الآن.
للتحرش آثار سلبية على الفرد والأسرة والمجتمع، وهو يتنافى مع قِيَم ديننا الإسلامي الحنيف وعاداتنا وتقاليدنا السائدة، ولذلك نأمُل الإسراع في إعلان نظام التحرش، والذي يساهم في تجريم المتحرش، ووضع العقوبات اللازمة لصدّه، ولمنع مثل هذه الأفعال، وردع كل من تُسوِّل له نفسه الإقدام على مثل هذا الجرم، وهذا كله يُساهم في تعزيز التمسك بقِيَم ديننا الحنيف، ويضمن المحافظة على الآداب العامة بين أفراد المجتمع، ولذلك فقد أمر خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- في سبتمبر من العام الماضي بإعداد مشروع نظام لمكافحة التحرش، ووجه وزارة الداخلية بهذا الشأن لما يُشكِّله التحرش من خطورة على المجتمع.
واليوم يترقب المجتمع السعودي صدور هذا النظام، ليكون أوّل نظام يصدر في السعودية يُجرِّم التحرُّش ويُعاقب عليه، وذلك بالرغم من وجود قانون الحماية من الإيذاء، إلا أن صدور مثل هذا القانون سيعتبر نقلة نوعية لحماية المجتمع من المتحرشين ومعاقبتهم بشكلٍ صارم، ووجود مثل هذه الأنظمة والقوانين والعمل بها وتطبيقها بتفاصيلها واحترامها هو أساس التطور والبناء، وهو أساس أي نهضة في أي مجالٍ كان.
مواجهة التحرش في المجتمع تحتاج إلى التركيز على ثلاثة محاور أساسية، وهي الوقاية من خلال تحديد مفهوم التحرش وصوره، ثم التجريم، واعتبار هذا التصرف جريمة يحاسب عليها مرتكبها، ثم العقوبة، والتي يجب تطبيقها على أولئك المجرمين، وكما أن هناك أنظمة لمكافحة الجرائم المعلوماتية ومكافحة غسيل الأموال ومكافحة الفساد ومكافحة المخدرات، فسيكون هناك نظام لمكافحة التحرش، وحماية المجتمع من المتحرشين.
في الشهر الماضي، نشرت صحيفة عكاظ تصريحا لأحد أعضاء مجلس الشورى بأن المجلس ينتظر وصول مشروع النظام الذي عملت عليه وزارة الداخلية لدراسته ومناقشته مع مندوبي الوزارة، ومؤخرا نشرت مصادر إعلامية بعض المعلومات عن العقوبات التي قد يتم تطبيقها ضد المتحرشين، والتي تتضمن عقوبة سجن تصل مدتها إلى 15 سنة، وغرامة مالية يصل حدها الأعلى إلى 3 ملايين ريال على مَن تثبت بحقه التهمة.
كل ذلك جعل المجتمع في حالةِ فرح وترقُّب لصدور النظام، فالوقاية خير من العلاج، والمبادرة بوضع الأنظمة والضوابط والقوانين -حتى لو كانت غير مثالية- وتعريف الناس بها وتطبيقها، سيكون له أثر كبير وإيجابي لضبط المتحرشين ومعاقبتهم.