لا شك أن الرغبات البشرية المتنوعة، منها ما هو إذا سعى الإنسان إليه وتحقق له لا يغضب الله عز وجل، بل قد يؤجر العبد على سعيه إليه، بل ولعلى فعله، فالشهوة وهي رغبة محركة للإنسان لإشباعها، لو سعى إليها بالطريق المشروع وهو الزواج الشرعي فإنه يؤجر على ذلك، ولو فعل ما يشبع حاجته إلى الشهوة فيه لأُجِرَ على ذلك أيضا، ففي الحديث الشريف الذي رواه الإمام مسلم أن أُناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلّون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون بفضول أموالهم، قال النبي: أليس قد جعل الله لكم ما تصدقون؟ إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة، وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون لها فيه أجر، قال صلى الله عليه وسلم: (أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟، فكذلك إذا وضعها في حلال كان له أجر)، وهذا مَثَل جيّد، فالشهوة رغبة إنسانية تحتاج إلى إشباع، شرع الله طريقاً مأمونا لإشباعها، فمن شعر بالحاجة إلى ذلك سلكه وهو مطمئن، وإن انحرف إلى ما حرّم الله لإشباعه، عُوقب على ذلك، وهو بالخيار أيهما شاء فعل، وتحمَّل نتائجه ولا شك، وكذلك الأمر في كل ما شرع الله له عقوبة؛ له طريق للإشباع مُباح، وآخر مُحرَّم، ولكل منهما نتائجه، فأي الطريقين سلك المُكلَّف، عليه أن يقبل نتائج ذلك، وأنتَ لا تجد مُحرَّماً إلا وتجد في المُباح ما يسد رغبتك إليه من الحلال في كل رغباتك، وعليك فقط الاختيار، والمسلم الذي يكف نفسه عن الحرام، يجد من الحلال ما يسد كل رغباته، ويعيش في دنياه آمنا، فيكون قد قام بواجبه الديني ولم يضره ذلك أبدا، وإن الصبر عند عدم القدرة على الزواج يؤدي إلى نتائج أفضل، ثم الصوم يقطع مؤقتا الرغبة في ساعات محدودة، ولن يبقى مسلم بلا زواج إذا اعتصم بأمر الله، وهو ما نلحظه في حياتنا، ونراه بوضوح في إخواننا من المسلمين غير القادرين، فالأغنياء مندوبون لإعانتهم على الزواج، بل والوزارات المعنية مندوبة لإعانتهم على الزواج. فلا قمع للمسلم أن حرَّم اللهُ أشياءً، فقد أباح له في هذه الدنيا ما هو أكثر، وأضعافاً مضاعفة، ومن حَسُنت نيّته وأحسن الظن بالله، سيجد من الله العون، فما خافه مسلم ورغب فيما عنده، إلا وشاء الله أن يمنع عنه السوء، ويُنعّمه بالحلال حتى يلقاه.