يمر الشعب الفلسطيني بظروف تاريخية صعبة هذه الأيام بعد إقدام واشنطن على إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في تزييف متعمد لحقائق التاريخ، وهو القرار الذي فاقم من الوضع المأزوم في الأراضي المحتلة، بما ينذر بوقوع حرب في أي لحظة بين الكيان الإسرائيلي من جهة والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى، هذا الإعلان ما هو إلا خطوة من خطوات كثيرة سبقته، قام بها الغرب على مدار أكثر من قرن منذ مؤتمر هيرتزل مرورا بالانتداب البريطاني ووعد بلفور إلى قرار التقسيم، كان الهدف منها زرع كيان لا ينتمي لهذه الأرض، على حساب سكانها الأصليين الذين عاشوا فيها لآلاف السنين، وما كان لذلك أن يتم لولا وجود آلة دعائية غربية يقوم عليها كتاب ومفكرون وفنانون، تزور التاريخ والواقع لصالح أوهام لا سند لها، إلا أنه بالمقابل، وللإنصاف لم تخلو هذه الفترة من كتاب ومفكرين دافعوا عن حقوق الفلسطينيين في أرضهم وتقرير مصيرهم، وبعض هؤلاء كان يهوديا، من أبرزهم نورمان فينكلشتاين، وهو كاتب سياسي وأستاذ جامعي أمريكي يهودي متخصص في العلوم السياسية، ولد في 1953، وشغل بعض المناصب الأكاديمية، في كلية بروكلين، وجامعة نيويورك، وجامعة دي بول.
عُرف فينكلشتاين بأنه من أبرز الأكاديميين الغربيين الذين تصدوا للمزاعم الصهيونية المروجة لوجود حق تاريخي لليهود في أرض فلسطين. وأثار كتابه صناعة الهولوكوست، صخباً هائلاً في المحافل الأكاديمية الأمريكية، حيث عمل فينكلشتاين في هذا الكتاب، على كشف ما اعتبرها حقائق طمست في أكثر الدراسات المتعلقة بالهولوكوست، كما فضح الخداع الذي تمارسه المنظمات اليهودية الأمريكية بحق الدول الأوروبية، من أجل ابتزاز أكبر قدر من المال لدعم تلك المنظمات ولدعم إسرائيل وتسهيل الهجرة إليها.أدت أعمال وأفكار فينكلشتاين في نهاية المطاف، إلى دخوله في العديد من المعارك مع مؤيدي الحركة الصهيونية، حتى تم فصله من عمله في جامعة دي بول في عام 2007، في انتهاك واضح لحرية وتقاليد الحياة الأكاديمية. وقد عبر فينكلشتاين عن رأيه في المسألة الفلسطينية ببساطة، في إحدى مناظراته، بقوله: «ثمة شعبان يعيشان في تلك الأرض، أحدهما يتمتع بكامل حقوق الدولة في ثمانين بالمئة، أما الشعب الذي يعيش في تلك البلاد منذ ما قبل آلاف من السنين بدون انقطاع، فهو محروم من حق تقرير مصيره بنفسه في عشرين بالمئة من وطنه».