ليس من الإنصاف أن تطلب من اللاعب الأرجنتيني ليونيد ميسي، ألا يصافح بنيامين نتنياهو، قبل أو بعد المباراة المقررة مع المنتخب الإسرائيلي على أرض القدس المحتلة، في الوقت الذي يتهافت فيه لاعبون عرب على المصافحة!، مع ذلك فعلها وطلبها ميسي ورفاقه طالبين من حكومتهم ومن اتحاد بلادهم عدم مقابلة أي مسؤول إسرائيلي أو مصافحتهم خلال زيارتهم لإسرائيل.
صحيح أن بجوار الملعب مباشرة وربما على أرضيته سقط شهداء فلسطينيون أكثر من عدد المشجعين المنتظرين لمشاهدة اللقاء المستهجن، عربياً، وعالمياً، بل وأرجنتينياً، لكنها أحكام!!
والحق أن ميسي.. لم يذهب لكي يمنحوه في إسرائيل الذهب حتى نقول له: لا تصالح ولو منحوك الذهب! كما أن ميسي لم يفقد أخاه في الأرض المحتلة، ولن تفقأ عيناه، أو تثبت جوهرتان مكانهما.. حتى لا نقول له: هل ترى..؟ هي أشياء لا تشترى..ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك، حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ، هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ، الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما.. وكأنكما ما تزالان طفلين!، تلك الطمأنينة الأبدية بينكما: أنْ سيفانِ سيفُكَ..صوتانِ صوتُكَ، أنك إن متَّ: للبيت ربٌّ وللطفل أبٌ!. ميسي ليس عربياً، حتى نقول له: هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟ أتنسى ردائي الملطَّخَ .. تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ! قد تثقل القلبَ.. لكن خلفك عار العرب، لا تصالحْ.. ولا تتوخَّ الهرب!
إن ميسي لم يحارب ضد إسرائيل، ولم تحاربه إسرائيل، ولم تقصف بيته، أو بيت أبيه وجده، ولم تحرق أرضه، وقلب أمه أو خالته أو عمته، حتى نقول له: أقلبُ الغريب كقلبِ أخيك؟! أعيناه عينا أخيك؟!.
إن ميسى لم يكن من أبناء الخال أو العم حتى نحذره قبل أن يذهب من أنهم سيقولون: ها نحن أبناء عم.. وبالتالي لن نطلب منه أن يقول: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك! بالتأكيد لا يعرف ميسي أمل دنقل، وربما لم يسمع عنه، لكن محمد صلاح الذي تهتم به إسرائيل الآن أكثر من أي وقت مضى تعرفه جيداً بل وتتاجر بحادثته الشهيرة مع اللاعب الأسباني راموس، على الطريقة الصهيونية القديمة!
من ذلك أن يستدعي المذيع الاسرائيلي تسيون نانوس وفقا لتقرير جريدة «الحياة» نصوصاً من التوراة، للتأكيد على التعاطف مع محمد صلاح! تصور؟!
يقول المذيع الإسرائيلي، متعاطفاً مع صلاح: جاء في سفر الملوك، فقرة تشير الى الظلم تقول: «هل قتلت وأيضاً ورثت»؟! ونقول للننوس وأمثاله: دعكم من ظلم صلاح.. لقد ظلمتم وقتلتم وورثتم أرضاً وشعباً بأكمله! أما صحيفة «اسرائيل هيوم» الداعمة لنتنياهو فكتبت تقول: لقد تغير سير المباراة بعد تدخل عدواني من راموس!
في هذه الحالة يصبح من الإنصاف بل من الأولى أن نذكر صلاح بأمل دنقل ليس لكي لا يصالح، وإنما كي لا يصافح!
نقول لصلاح: تذكَّر.. (إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة) أن بنتَ أخيك «اليمامة»زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا- بثياب الحداد!
ولماذا نذهب بعيداً؟! تذكر شهيدة الانسانية رزان النجار التي سقطت الأسبوع الماضي برصاصة مجندة يهودية أمريكية، تجاهر على صفحتها بقتل رزان كي «تدافع عن وطنها الذي تحبه»!
نقول لصلاح ولكل المعرّضين لفتنة المصافحة أو المصالحة على حساب الحق.. عندما يملأ الحق قلبك: تندلع النار إن تتنفَّسْ .. ولسانُ الخيانة يخرس.. لا تصالح.. ولو قيل ما قيل من كلمات السلام.. كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
لا تصالح.. ولو ناشدتك القبيلة.. باسم حزن «الجليلة»..أن تسوق الدهاءَ.. وتُبدي -لمن قصدوك- القبول.. لا تصالحُ..إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة: النجوم.. لميقاتها والطيور.. لأصواتها ..والرمال.. لذراتها.. والقتيل لطفلته الناظرة..كل شيء تحطم في لحظة عابرة!
هذا أقل ما يقال بمناسبة ميسي وصلاح والشهيدة رزان!
ليس من الإنصاف أن نقول لميسي .. لا تصالح!
تاريخ النشر: 06 يونيو 2018 01:28 KSA
نقول لصلاح ولكل المعرّضين لفتنة المصافحة أو المصالحة على حساب الحق.. عندما يملأ الحق قلبك: تندلع النار إن تتنفَّسْ .. ولسانُ الخيانة يخرس.. لا تصالح.. ولو قيل ما قيل من كلمات السلام.. كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟
A A