تابعتُ قبل أيَّام أحد البرامج على قناة «بي إن سبورت»، المواكبة لكأس العالم في روسيا، وكنت أتوقَّع أن الحديث سيكون عن البطولة ومبارياتها، وإذ بالمُقدِّم يذهب بضيوفه إلى محاور أخرى بعيدة عن الحدث العالمي، ليُناقش ملف الترشيحات لاستضافة كأس العالم (2026)، حيث انطلق مجموعة من المزامير الإعلامية في سباق محموم لكيل النقد والتهم للسعودية كونها لم تدلِ بصوتها للمغرب.
وليت الانتقاد كان ردًّا على سؤالًا عابرًا، بل اتضح أنه المحور الرئيس للحلقة، وترك المذيع التعيس ضيوفه يتفنَّنون في النقد والتقريع، دون أن يمنح الفرصة للجانب السعودي للرد، ولو عبر مداخلة هاتفية، أو كأضعف الإيمان بث أحد المقاطع التي تعج بها المواقع الإلكترونية الرسمية، التي تضمَّنت الرأي السعودي حول الموضوع.
ليس هذا فحسب، بل إن القناة البائسة، لم تكتفِ بالشأن الرياضي، بل وأقحمت مشكلة الدويلة قطر مع السعودية في برامجها بأسلوبٍ ملتوي لا يُمثِّل إلا نهج هذه الدويلة، حيث تُنادي بالفضيلة والقيم؛ في حين أنها انتهكتها وتنتهكها صباح مساء.
برنامج آخر ظهر بعد تصريح رئيس هيئة الرياضة المستشار تركي آل الشيخ بعد خسارة المنتخب أمام روسيا، وكانت لغة الضيوف فيه أشبه بمَن يحمل سلة قاذورات ليقذفها في كل اتجاه، غير عابئ بمُشَاهِد يُتابعه أو قيمة رياضية يفترض أن يُمثِّلها.
أسلوب لا يتناسب نهائيًا مع ما تبثّه القناة الشيطانية من آياتٍ قرآنية عبر قنواتها كل يوم عن سرقة حقوق البث كما تزعم.
فكيف تطالب هنا باحترام القِيَم والمواثيق والأخلاق، وفي ذات الوقت تنتهك كل القِيَم والأعراف الدولية وأنظمة الفيفا التي نصَّت على عدم تسييس النقل التلفزيوني، وعدم استغلال نقل الأحداث الرياضية في قضايا سياسية، وفي محاولات متكررة ومستميتة لتشويه صورة بلد آخر.
ازدواجية حمقاء تمارسها هذه القناة في عملها الإعلامي، استقته وأُملي عليها، لأنها باتت الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن ينقلوا رأيهم للعالم من خلالها.
أشفق واستغرب من بعض الإعلاميين العرب الذين شاركوا في هذه البرامج حين انساقوا مع التيار طمعًا في حفنة من الدولارات، حتى ولو فقدوا مصداقيتهم وقيمتهم الإعلامية، ومارسوا غباءً إعلاميًا فادحًا، لأن دوام الحال من المحال، وحينها لن تجد هذه المزامير الهزيلة بدًا من أن تعود إلى جحورها المظلمة، فمنها خرجوا وإليها سيعودون.
وكإعلام سعودي، نطالب الفيفا وهو أعلى منظمة رياضية، والذي أبعد مجموعة من القيادات الرياضية الفاسدة في السابق لتورُّطها في عمليات فساد، ومن أبرزهم رئيس الاتحاد الآسيوي السابق القطري «محمد بن همام»، الذي تم إيقافه مدى الحياة عن النشاط الرياضي، فعليها كمنظمة محترمة أن تُوقِف هذا العبث وهذه الإساءات على بلد بقيمة السعودية، وأن تُفعِّل أنظمتها التي تمنع القنوات الحاصلة على حقوق النقل من التطرق إلى قضايا سياسية، حفاظًا على نزاهة الرياضة وسمعتها، ودورها الكبير في نشر السلام في العالم.