احتفلت الأسرة الدولية في السادس والعشرين من يونيو هذا العام وكل عام باليوم العالمي، والذي يدعو لمكافحة داء خطير تُعاني من أضراره وآثاره العديد من دول العالم، خصوصًا وأنه يستهدف في الدرجة الأولى شبابها وشاباتها، فيُدمِّرهم ويقضي على آمالهم وطموحاتهم، ويُعرقل حركة النمو والازدهار في معظم الدول التي يفتك بها هذا الداء، ويُعرف هذا اليوم باليوم العالمي لمكافحة المخدرات.
في هذا اليوم العالمي تقوم العديد من الدول حول العالم بتكثيف حملات التوعية بمخاطر الإدمان على المخدرات وآثارها المهلكة، إضافةً إلى تعريف الجمهور بكيفية ملاحظة أعراض مَن يتعاطى مثل هذا الداء الخطير وتبصيرهم بما يجب اتباعه لتفادي الوقوع في فخ المخدرات، وذلك من خلال توفير البيئة السليمة للتربية وزرع المباديء الصحيحة والأخلاق السامية داخل المنزل من جهة، وفي البيئات المختلفة كبيئة المدرسة أو العمل أو الحي الذي يسكن فيه الفرد، خصوصًا وأن خطورة آفة المخدرات تُهدِّد العالم بمخاطر تفوق أضرارها ما أحدثته الحربان العالميتان الأولى والثانية وغيرها من الحروب الحديثة، بل إن بعض المختصين يُؤكِّد بأن ضرر المخدرات هو من أعظم الأضرار التي واجهت البشرية على امتداد تاريخها، خصوصًا وأن التقارير الصادرة عن الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تشير إلى أن هذه الظاهرة الخطيرة لا تزال تتفاقم على مستوى العالم رغم الجهود الدولية لمكافحتها.
ساهمت هذه الآفة الخطيرة والمدمرة والتي تجاوزت في تعاملاتها تجارة الأسلحة في إيجاد حجم تجارة عالمي يتجاوز 800 مليار دولار سنويًا، وهو ما يزيد عن مجموع ميزانيات عشرات الدول النامية والفقيرة سنويًا، كما أشارت تقارير المؤسسات الصحية العالمية إلى وقوع أكثر من مليار إنسان في تعاطي المخدرات وإدمانها، ويُمثِّل الشباب النسبة العالية منهم مما يُكلِّف الدول ما يزيد عن 150 مليون دولار سنويًّا في برامج العلاج من الإدمان والتوعية بخطورة المخدرات والإدمان عليها، في حين تشير بعض التقارير الدولية بأن عدد المتعاطين يزيد في كل عام بقرابة 210 ملايين شخص سنويًا، في حين يُصاب 15 مليون شخص سنويًا بالإدمان بسبب التعاطي المستمر، كما يلقى ما يقارب من 200 ألف من هؤلاء المتعاطين والمدمنين حتفهم سنويًا بسبب المخدرات.
أضرار المخدرات لا تنحصر في التعاطي والإدمان أو التأثير على الصحة بشكلٍ عام، بل تساهم أيضًا في إيجاد شبكات الجريمة المنظمة وتفشي الفساد وانتشار العنف والمتاجرة بالأسلحة، خصوصًا في المجتمعات الفقيرة، وهذا يدعونا إلى ضرورة تكثيف الجهود من أجل مواصلة مكافحة هذه الآفة وابتكار أساليب جديدة لمواجهتها والتوعية بأضرارها، وكيفية الوقاية منها والحد من أضرارها.