وأكدت مصادر من داخل المدارس الأهلية، أن التحايل تم من قبل المدارس، من خلال التوظيف الوهمي»السَّعْوَدة»؛ بحيث يتم إحضار شهادة السعودة بناءً على عدد السعوديين؛ حيث يقوم ملاك المدارس بتوظيف بعض النساء والأقارب بمبالغ رمزية، دون تمكينهم من العمل، ومن ثم إحضار معلمين ومعلمات من خارج المملكة للعمل في المدارس.
تحمل المعاناة
«المدينة» ناقشت القضية مع أطراف عدة، ففي البداية يقول التربوي السابق «عبدالله عيضة الزهراني»: «ما تقوم به بعض المدارس، من محاولات مستميتة للاستغناء عن المعلمين والمعلمات السعوديين، أرى أنه يتنافى جملةً وتفصيلًا مع روح المسؤولية المجتمعية تجاه الوطن وأبنائه، من الواجب أن يتحمل ملاك تلك المدارس جزءًا من الأعباء التي تعانيها الدولة في توظيف شباب وشبان الوطن، لا سيما وأن الكثير من هذه المدارس قد استفادت ولفترة طويلة - وما زالت - من معونات الدولة، وما تقدمه لها من تسهيلات وامتيازات، ولقد أثبت الشباب السعوديون جدارتهم في كل ميدان، أتيحت لهم الفرصة في تولي زمام الأمر فيه، بل فاقوا غيرهم من الوافدين في أمور شتى، وهذا يعني أن التملص من قبل بعض ملاك هذه المدارس في استقطاب المعلمين والمعلمات السعوديين؛ ليس له مسوغ أو مبرر مقبول».
الأمر مشترك
»سراج الحميدان» قال: «من وجهة نظري أن الأمر مشترك بين المدرسة الأهلية والمعلم؛ حيث يمثل المعلم السعودي عبئًا من الناحية المالية على ملاك المدارس؛ وذلك بعد رفع الدعم الحكومي، إضافةً إلى ضعف مخرجات الجامعات لدينا.. أما المعلم السعودي فيمثل له العمل بالمدرسة الأهلية عملًا شاقًّا؛ حيث يعمل بنصاب كامل، إضافةً إلى الاحتياط والإشراف، وكذلك العمل أثناء الإجازة الصيفية؛ حيث لا يحق له أكثر من شهر ونصف إجازة، خلال السنة، أضف إلى ذلك تدني الراتب مقابل ما يقوم به من عمل».
الأجر القليل
أحمد العرابي قال: أبناء الوطن مؤهلون تأهيلًا علميًّا على قدر رفيع، بل ويفوق تأهيل المعلمين غير السعوديين، وكذلك الانضباط، ولكن - والله أعلم - ملاك المدارس لا يرغبون إلا في المعلم غير السعودي؛ وذلك لأنه يرضى بالأجر الأقل».
مخالفة صريحة
من جانبه شدد الدكتور «سعود الحارثي»، بقوله: «إن اعتماد المدارس الأهلية على العنصر الأجنبي، يعتبر مخالفةً صريحةً لسياسة توطين السعوديين، التي تسعى حكومتنا الرشيده لفرضها في الوقت الجاري، والتي تتماشى مع رؤية المملكة 2030. فقد أثبت الشباب السعودي أنه على قدر كبير من التأهيل والمسؤولية في كثير من المواقع، التي التحق بها، وهو ما يدحض ادعاءات ملاك المدارس الأهلية بأن الشباب السعودي لا يؤدي مهامه بالشكل الصحيح، ولعل السياسة المتناقضة، والتي تنتهجها إدارات المدارس الأهلية مع السعوديين وغيرهم؛ تدل على أن «وراء الأكمة ما وراءها»، وعلى الجهات المعنية اتخاذ إجراءات عاجلة لإجبار المدارس الأهلية على توظيف السعوديين؛ تحقيقًا لمبدأ التوطين، خصوصًا أن العنصر الأجنبي الذي يتم استقطابه لا يمتلك أي مهارات يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في مخرجات هذه المدارس».
«لجنة الحقوق»: أبناؤنا بين مطرقة الوظيفة وسندان ملاك الأهلية
شرعت لجنة مكونة من المعلمين والمعلمات، في المطالبة بتوطين وظائف التعليم الأهلي وتحديد الرواتب؛ حيث رفعت اللجنة طلبًا إلى الجهات العليا مفاده: «من منطلق المسؤولية والحب الذي نحمله لديننا ولوطننا ولأبناء جيلنا، ولأننا تضررنا عبر أعوام عديدة قضيناها في القطاع الخاص، تلقينا فيها أنواع الغصات والظلم، دون استطاعة لأخذ الحقوق، بين مِطرقة الحاجة للمادة والوظيفة وسندان ملاك المدارس الأهلية. وبعد أن أخل ملاك المدارس بالعقود وخفضوا الرواتب، واستغنوا عن الخبرات بحجج واهية؛ لئلا يلتزموا بالعقود وأجبروا من أجبروا على الاستقالة، واقتطعوا الرواتب، وتحايلوا على الأنظمة، وأحَلُّوا الأجنبيَّ دون وقفة جادة من وزارتي العمل والتعليم.. - نرفع إليكم نحن أبناء وبنات هذا الوطن مطالبنا، راجين منكم النظر فيها، وأخذها بعين الاعتبار بعد ظلمنا وكونها حقًّا من حقوقنا».
عدم الأمان الوظيفي
الأخصائي الاجتماعي «حميد السفياني»، قال: «يرجع عزوف الشباب عن العمل في المدارس الخاصة لعدد من العوامل، من أهمها: تدني رواتب المعملين والمعلمات بالمدارس الأهلية، مقارنةً بسلم رواتب الكادر التعليمي الحكومي، عدم الإحساس بالأمان الوظيفي من قبل المعلمين، تدخل ملاك المدارس في أعمال المعلم التعليمية التي من شأنها الإضرار بالمنهج الدراسي، مثل تكليف المعلم بعمل ملخصات تختصر المنهج، التساهل في الاختبارات والتساهل في الغياب، عدم صرف مرتبات المعلمين أثناء الإجازات، الثقافة السائدة لدى طلاب هذه المدارس، من أن الطالب يدرس بمقابل مادي، ومن حقه تغير المعلم وفرض ما يريده ويرغبه على المعلم وعلى المدرسة، وهذا يجعل المعلم تحت رحمة الطالب ورحمة صاحب المدرسة.. المقارنة بين المعلم الوافد والمعلم السعودي، من حيث مبلغ الراتب الشهري يجعل ملاك المدارس يسعون إلى زيادة الضغط على المعلم السعودي بالعمل والانتقادات؛ لكي يترك العمل للمعلم الوافد».
لا يوفونهم حقوقهم
علي بن صالح الزهراني مدير مدرسة سابق، قال: المعلمون أو المعلمات السعوديون، متميزون كتميز تلك الرسالة التي يقومون بها، وخلال تجربتي في ميدان التعليم كمسؤول، أنادي بأعلى صوتي وأقول: إن المعلمين الوطنيين ذكورًا وإناثًا هم الأميز. لكن يؤسفني القول: إن أصحاب المدارس الأهلية لا يوفونهم حقوقهم؛ بل ويهددونهم لو أبلغوا الموارد البشرية لاستبعدوهم من مدارسهم».
التغاضي عن المخالفات
«عبدالرحمن السعدي» قال: «المعلم السعودي في المدارس الأهلية هو ذات المعلم بالمدارس الحكومية؛ يحتاج إلى تطوير قدرات واكتساب خبرة، لكن المدارس الأهلية همها الوحيد هو الكسب المادي، برواتب متدنية للمعلمين، وليس لهم أي اهتمام بالانضباط والتحصيل العلمي، بل والأدهى من ذلك تحظر على المعلمين معاقبة الطلاب، حتى لو ضبطوا طلابهم بسلوكيات مشينة؛ حتى لا يبتعدوا عن مدارسهم ويفقدوا العوائد المادية.. لذلك يتم إجبار المعلمين على التغاضي عن المخالفات الطلابية، ولا يهتمون بتحصيلهم العلمي، مع ضمان طلابهم الحصول على الدرجات الكاملة، خصوصًا في الثانوية العامة، ويصطدمون بالمستوى المتدني لطلاب الأهليه في الجامعة.. هذه تجربة واقعية على مسؤولي التعليم أن يجدوا حلولًا لها؛ لأننا أصبحنا نخرِّج طلابًا أميين في الثانوية».
«أبوعبدالله» قال: «حقيقةً إنني أستغرب من السماح باستقدام المعلمين والمعلمات، بالرغم من وجود آلاف الخريجين والخريجات في مختلف التخصصات التعليمية.. لأن لدينا اكتفاء كاملًا من المعلمين والمعلمات في مختلف التخصصات، ومع ذلك نجد تهاونًا من وزارتي التعليم والعمل في منح التأشيرات؛ حيث يجب الآن إيقاف عمليات الاستقدام واللجوء إلى المعلمين الوطنيين فقط، وعدم السماح بالاستقدام نهائيًّا في جميع التخصصات بدون استثناء».
3 جهات معنية تلوذ بالصمت
«المدينة « حاولت الحصول على رأي 3 جهات حكومية حول القضية، وبالرغم من انتظار الإجابات لأسابيع عدة، إلا أن متحدثي الجهات الثلاث المعنية بالأمر؛ (وزارة العمل والتنمية الاجتماعية - وزارة الخدمة المدنية - وزارة التعليم)، فضلوا الصمت وعدم الرد على الاستفسارات؛ حيث تم توجيه الاستفسار إلى المتحدث الرسمي بوزارة التعليم «مبارك العصيمي» وجّه في 18/11/2017 حول تزايد أعداد المعلمين غير السعوديين بالمدارس الأهلية، بالرغم من وجود نحو 800 ألف تربوي وتربوية على قوائم انتظار مهنة التعليم، واستفسار آخر إلى المتحدث الرسمي لوزارة العمل «خالد أبا الخيل» في 7/11/2017 حول تراجع نسبة السَّعْوَدَة في المدارس الأهلية، وزيادة عدد المعلمين غير السعوديين، وما هي الأسباب، واستفسار للمتحدث الرسمي بوزارة الخدمة المدنية «حمد المنيف» في 30/11/2017، مفاده: «هل لنا أن نعرف عدد المسجلين على جدارة.. وكيف تتم آلية الترشيح؟»، ولم يصل رد من الجهات الثلاث.
11 مطلبا للمعلمين والمعلمات السعوديين العاملين في المدارس الأهلية
- محاسبة المتسببين من (وزارة العمل - وزارة التعليم) لعدم جديتهم في الحزم مع ملاك القطاع الخاص.
- محاسبة ملاك المدارس، واسترداد أموال الدعم، من كل مالك مدرسة أنهى عقود أو خفَّض رواتب المعلمين والمعلمات عن 5600.
- تعويض المفصولين من الخبرات بوظائف في التعليم.
- إعادة احتساب خبرات معلمي ومعلمات القطاع الأهلي كنقاط في المفاضلة التعليمية (جدارة).
- وضع آلية لدعم إداريي وإداريات القطاع الخاص؛ بحيث لا تقل رواتبهم عن الحد الأدنى للموظف السعودي.
- منع توظيف العنصر الأجنبي في المدارس، أو الإشراف عليها، في ظل وجود الكفاءات التي لم تتح لها الفرصة.
- الالتزام بالعقود نصًّا ووضع عقود مناسبة للبيئة التعليمية، بإشراف من وزارة العمل.
- إنشاء جهة مختصة في التعليم الأهلي (شؤون معلمين ومعلمات)، تكون جهةً مرجعيةً للمعلم في حال حدوث أي مشكلة مع ملاك المدارس، وتكون هي الممثلة للمعلم أمام وزارة العمل.
- إنشاء إدارة مالية (التعليم الأهلي) تقوم بصرف راتب المعلم أو المعلمة المستلم من مالك المدرسة أو هدف؛ بحيث يكون هناك ضمان لصرف حقوقه المادية بشكل كامل.
- منع فصل أي موظف سعودي قبل رفع طلب للتعليم الأهلي والعمل، وعمل تحقيق مع الموظف في ذلك؛ لإيجاد الأمان الوظيفي.
- التأمين الطبي الجيد للموظف والموظفة وتخييره، في حال كان من سكان (الهيئة الملكية أو كان يحمل تأمينًا أقوى).